تكنولوجيا

آبل تحذر مستخدمي الآيفون في 98 دولة من هجمات برامج التجسس

آبل تحذر مستخدمي الآيفون في 98 دولة من هجمات برامج التجسس

اكتب د. وائل بدوى

أصدرت شركة آبل تحذيرًا جديدًا لمستخدمي هواتفها في 98 دولة، تحذرهم فيه من هجمات تجسس متقدمة تُعرف بـ “برامج التجسس المرتزقة”. يُعد هذا التحذير الثاني من نوعه خلال عام 2024، بعد حملة مماثلة أطلقتها الشركة في أبريل استهدفت مستخدمين في 92 دولة.

منذ عام 2021، تقوم آبل بإرسال إشعارات منتظمة لمستخدميها في أكثر من 150 دولة لتحذيرهم من هجمات سيبرانية تستهدف أجهزتهم. التحذيرات الأخيرة، التي صدرت يوم الأربعاء، لم تكشف عن هويات المهاجمين أو البلدان المستهدفة، لكن الرسائل كانت واضحة بشأن خطورة الهجمات.

آبل تحذر مستخدمي الآيفون في 98 دولة من هجمات برامج التجسس
آبل تحذر مستخدمي الآيفون في 98 دولة من هجمات برامج التجسس

تفاصيل التحذير

في الرسائل الموجهة إلى المستخدمين المتأثرين، كتبت آبل:

“رصدت آبل محاولة هجوم بواسطة برامج تجسس مرتزقة تسعى لاختراق جهاز الآيفون المرتبط بحساب Apple ID الخاص بك.”

وأضافت:

“هذه الهجمات قد تستهدفك تحديدًا بسبب من أنت أو ما تقوم به. ورغم أن الكشف عن هذه الهجمات لا يمكن أن يكون يقينيًا بالكامل، فإن آبل لديها ثقة عالية في هذا التحذير — يرجى أخذه بجدية.”

الهجمات السابقة وبرنامج Pegasus

تشير التقارير إلى أن المستخدمين في الهند كانوا من بين الذين تلقوا هذه التحذيرات الأخيرة. وفي أكتوبر الماضي، أرسلت آبل تحذيرات مشابهة لعدد من الصحفيين والسياسيين في البلاد. لاحقًا، كشفت منظمة العفو الدولية عن وجود برنامج التجسس الشهير Pegasus، الذي طورته شركة NSO Group الإسرائيلية، على أجهزة الآيفون الخاصة بشخصيات بارزة في الهند.

ما هي برامج التجسس المرتزقة؟

برامج التجسس المرتزقة هي نوع متقدم من البرمجيات الخبيثة التي تُستخدم للتجسس على الأفراد المستهدفين. يمكن لهذه البرامج:

•قراءة الرسائل النصية.

•الوصول إلى البريد الإلكتروني.

•تسجيل المكالمات.

•تشغيل الكاميرا والميكروفون دون علم المستخدم.

برنامج Pegasus يُعد أحد أشهر هذه البرمجيات، حيث يُستخدم من قبل جهات حكومية وأطراف خاصة لمراقبة الصحفيين والسياسيين والنشطاء الحقوقيين.

لغة جديدة للتصدي للهجمات

أدخلت آبل تغييرًا ملحوظًا في لغتها لوصف هذه الهجمات. بدلاً من استخدام مصطلح “هجمات برعاية الدولة”، أصبحت تُطلق عليها “هجمات برامج التجسس المرتزقة”، مما يشير إلى تورط جهات خاصة، وليس حكومات فقط.

كيفية حماية المستخدمين أنفسهم

قدمت آبل بعض النصائح لمستخدميها للبقاء آمنين:

1.تحديث النظام: التأكد من تشغيل أحدث إصدارات نظام iOS، حيث تتضمن تحديثات الأمان الأحدث.

2.تفعيل ميزة الحماية المتقدمة: استخدام ميزات مثل “Lockdown Mode” المتوفرة في أجهزة آبل لحماية إضافية.

3.عدم النقر على الروابط المشبوهة: تجنب النقر على الروابط في الرسائل أو البريد الإلكتروني غير المعروف.

4.مراجعة النشاط على الحساب: التحقق بانتظام من أي نشاط مشبوه في حساب Apple ID الخاص بك.

ردود الفعل العالمية

أثارت هذه التحذيرات قلقًا واسعًا بين المستخدمين والنشطاء حول العالم، حيث تعكس التهديدات المتزايدة لخصوصية الأفراد وأمنهم. وقال أحد الصحفيين المتأثرين:

“هذا التحذير يجعلنا ندرك أن الخصوصية أصبحت معركة يومية. يجب على الحكومات وشركات التكنولوجيا التعاون لحماية الأفراد.”

ما الذي يجعل آبل مختلفة؟

منذ عام 2021، تتخذ آبل موقفًا واضحًا في مواجهة الهجمات السيبرانية، وتُعد واحدة من الشركات القليلة التي تخطر مستخدميها بشكل مباشر عند تعرضهم لخطر الهجمات. كما قدمت الشركة ميزات مثل وضع الإغلاق (Lockdown Mode)، الذي يُعطل العديد من وظائف الجهاز لتقليل سطح الهجوم المحتمل.

المسؤولية المشتركة: الشركات والحكومات

التصدي للهجمات السيبرانية مثل هجمات برامج التجسس المرتزقة يتطلب جهودًا مشتركة بين شركات التكنولوجيا والحكومات. يمكن لكل طرف أن يلعب دورًا مهمًا في تعزيز أمن المستخدمين وخصوصيتهم:

1. دور شركات التكنولوجيا

•الاستثمار في الأمان السيبراني: يجب على شركات مثل آبل وغيرها من شركات التكنولوجيا زيادة استثماراتها في تطوير أنظمة أمان متقدمة للكشف عن البرمجيات الخبيثة ومنعها.

•إخطار المستخدمين بسرعة: الاستجابة السريعة للحوادث الأمنية من خلال إخطار المستخدمين المتأثرين تتيح لهم اتخاذ التدابير اللازمة لحماية بياناتهم.

•الابتكار في ميزات الأمان: تقديم ميزات جديدة مثل Lockdown Mode يمكن أن يكون خط الدفاع الأول ضد الهجمات المتقدمة.

2. دور الحكومات

•سن قوانين صارمة: يجب على الحكومات وضع تشريعات تحظر استخدام برامج التجسس من قبل جهات خاصة أو حكومية دون إشراف قانوني صارم.

•التعاون الدولي: يجب أن يكون هناك تعاون دولي لملاحقة الجهات المطورة لهذه البرامج ومنع انتشارها.

•توعية المواطنين: الحكومات يمكنها لعب دور مهم في زيادة وعي الجمهور حول الهجمات السيبرانية وكيفية حماية أنفسهم.

الهجمات السيبرانية: تصاعد مستمر

تحذر التقارير من أن الهجمات السيبرانية ستستمر في التصاعد مع تطور التكنولوجيا. ويعتبر ظهور برامج التجسس المرتزقة مؤشرًا خطيرًا على مدى تعقيد التهديدات القادمة.

•الأفراد المستهدفون: الهجمات لا تقتصر على السياسيين أو الصحفيين فقط، بل يمكن أن تشمل أي شخص يُنظر إليه على أنه هدف قيم.

•استغلال البيانات: برامج التجسس ليست فقط وسيلة لجمع المعلومات، بل يمكن أن تُستخدم أيضًا لابتزاز الضحايا أو تشويه سمعتهم.

كيف يمكن للأفراد حماية أنفسهم؟

في ظل التهديدات المتزايدة، يصبح على الأفراد دور أكبر في حماية أنفسهم. بعض النصائح الإضافية تشمل:

1.استخدام كلمات مرور قوية وفريدة: تجنب إعادة استخدام كلمات المرور عبر حسابات مختلفة.

2.الحذر عند استخدام الشبكات العامة: استخدم شبكة افتراضية خاصة (VPN) عند الاتصال بشبكات الإنترنت العامة.

3.مراجعة الأذونات الممنوحة للتطبيقات: تحقق بانتظام من الأذونات الممنوحة للتطبيقات على هاتفك وتقييد الأذونات غير الضرورية.

4.الابتعاد عن الروابط والرسائل المشبوهة: تجنب النقر على روابط أو رسائل من مصادر غير معروفة.

برامج التجسس بين الربح والتقنية

برامج التجسس المرتزقة مثل Pegasus تثير تساؤلات حول كيفية استخدام التكنولوجيا لتحقيق الأرباح على حساب الخصوصية والأمان.

•الدور المظلم للشركات المطورة: شركات مثل NSO Group تسوّق هذه البرامج للحكومات والجهات الخاصة، مما يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الإنسان.

•الضغط الدولي: يجب على المجتمع الدولي الضغط على هذه الشركات لوقف تطوير وتوزيع برامج التجسس، مع فرض عقوبات صارمة عليها.

مستقبل الخصوصية: إلى أين نتجه؟

مع استمرار التكنولوجيا في التقدم، يتوقع الخبراء أن تصبح التهديدات السيبرانية أكثر تعقيدًا.

•هل ستختفي الخصوصية؟ بعض المحللين يتوقعون أن الخصوصية الرقمية ستصبح رفاهية في المستقبل، مع تعرض المزيد من الأفراد لهجمات مستمرة.

•الحلول الممكنة: الابتكار المستمر في مجال الأمن السيبراني والتعاون العالمي يمكن أن يساعد في حماية الخصوصية.

 معركة الخصوصية في العصر الرقمي

تحذيرات آبل الأخيرة تسلط الضوء على التحديات التي يواجهها الأفراد في الحفاظ على خصوصيتهم في عالم رقمي متصل.

بينما تبذل شركات التكنولوجيا جهودًا لحماية مستخدميها، يبقى على الأفراد والحكومات دور كبير في التصدي للتهديدات المتزايدة.

“في النهاية، الخصوصية ليست مجرد حق فردي، بل هي مسؤولية مشتركة بين الجميع لضمان عالم رقمي آمن للجميع.”

الخصوصية في عصر الهجمات السيبرانية

تحذيرات آبل الأخيرة تؤكد على أن التهديدات السيبرانية لا تستثني أحدًا، سواء كانوا سياسيين، صحفيين، أو مستخدمين عاديين. في عالم يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا، أصبحت الخصوصية ليست مجرد حق، بل ضرورة يجب الدفاع عنها بكل الوسائل.

يبقى السؤال: هل يمكن لشركات التكنولوجيا والحكومات أن تتعاون بفعالية لوقف هذه الهجمات، أم أننا على أعتاب عصر جديد من المراقبة الرقمية؟

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى