تكنولوجياتحقيقات و تقاريرصحافة واعلام

“أهلا بالمستقبل”.. مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يناقش الذكاء الاصطناعي والسينما

“أهلا بالمستقبل”.. مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يناقش الذكاء الاصطناعي والسينما

كتب د.وائل بدوى

شهدت الدورة الرابعة لمهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية، برئاسة الناقد والكاتب د. ياسر محب، نقاشًا مميزًا حول تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل السينما. تحت شعار “أهلا بالمستقبل”، أقيمت ندوة بعنوان “الذكاء الاصطناعي ومستقبل السينما في مصر والعالم الفرنكوفوني”، أدارها المخرج أحمد عبد العليم قاسم، مؤسس مبادرة Standby AI، بمشاركة نخبة من الخبراء، من بينهم د. وائل بدوي، ود. نسرين عبد العزيز، والمهندس أحمد شوقي، مخرج فيلم افتتاح المهرجان.

دور الذكاء الاصطناعي في الدراما والسينما

تحدثت د. نسرين عبد العزيز، أستاذ الإعلام والدراما المساعد بأكاديمية الشروق، عن تميز الدراما المصرية بقدرتها العاطفية الكبيرة على التأثير في الجمهور. وأشارت إلى أن توظيف الذكاء الاصطناعي في الأعمال الدرامية يمكن أن يعزز جودة الإنتاج الفني دون المساس بالإبداع البشري. كما ذكرت أمثلة على استخدام الذكاء الاصطناعي مثل “جعفر العمدة”، حيث ساعد في إضفاء مظهر شبابي على الشخصيات.

“الذكاء الاصطناعي لا يحل محل الإبداع البشري، بل يدعمه”، تقول د. نسرين، مشددة على أهمية تدريب العاملين في صناعة السينما على استخدام هذه التقنيات بشكل مهني.

“أهلا بالمستقبل”.. مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يناقش الذكاء الاصطناعي والسينما
“أهلا بالمستقبل”.. مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يناقش الذكاء الاصطناعي والسينما

رحلة مصر مع الذكاء الاصطناعي

أوضح د. وائل بدوي، رئيس قسم علوم البيانات في كلية الذكاء الاصطناعي بالجامعة المصرية الروسية، أن تقنيات الذكاء الاصطناعي ليست جديدة على مصر، حيث ظهرت منذ التسعينات في مجالات مثل الموشن جرافيك. وأضاف أن التطور الحالي يعتمد على تقنيات تعلم الآلة وفهم الصوت، مع ضرورة استمرار التدخل البشري لضمان توجيه التقنية بشكل صحيح.

“أهلا بالمستقبل”.. مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يناقش الذكاء الاصطناعي والسينما
“أهلا بالمستقبل”.. مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يناقش الذكاء الاصطناعي والسينما

تجارب في السينما المصرية

تناول المخرج أشرف فايق تجربة إدخال الذكاء الاصطناعي في أفلام مثل “طاقية الإخفاء” و**“اللمبي 8 جيجا”**، مشيرًا إلى أن هذه الأعمال قدمت أفكارًا مبتكرة حول تأثير التقنية على حياتنا.

“ماذا لو؟” كان السؤال المحوري في فيلم “اللمبي 8 جيجا”، الذي حاول استشراف مستقبل البشرية مع تطور الذكاء الاصطناعي، رغم طابعه الكوميدي.

“أهلا بالمستقبل”.. مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يناقش الذكاء الاصطناعي والسينما
“أهلا بالمستقبل”.. مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يناقش الذكاء الاصطناعي والسينما

فيلم افتتاحي بالذكاء الاصطناعي

المهندس أحمد شوقي، مخرج فيلم الافتتاح، أشاد بتجربة تقديم فيلم بالذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن هذه التقنية أصبحت جزءًا من واقعنا. أضاف أن الذكاء الاصطناعي يمكنه المساهمة في ابتكار محتوى متنوع باستخدام أدوات مثل تأليف النصوص وإنشاء الحوارات.

“أهلا بالمستقبل”.. مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يناقش الذكاء الاصطناعي والسينما
“أهلا بالمستقبل”.. مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يناقش الذكاء الاصطناعي والسينما

“أهلا بالمستقبل”.. رسالة المهرجان

علق د. ياسر محب على شعار المهرجان، موضحًا أن استخدام الذكاء الاصطناعي في السينما يمثل نقلة نوعية، لكنه شدد على ضرورة وجود قوانين تحمي العنصر البشري.

وأكد د. ياسر طموحه لاستكشاف آفاق جديدة لتقديم محتوى سينمائي هادف يعتمد على الذكاء الاصطناعي، مع الحفاظ على جوهر الإبداع البشري.

أعمال لافتة باستخدام الذكاء الاصطناعي

من بين الأعمال التي لاقت إعجاب الجمهور فيلم “رع”، الذي تناول الحضارة المصرية القديمة، وحقق 3 ملايين مشاهدة في يوم واحد. كما تم عرض فيلم آخر عن البيئة ضمن مسابقة Gen Z، ما يعكس تنوع الأفكار المطروحة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

أفلام ومشاركات أخرى

شهد اليوم الثاني من المهرجان عروضًا متعددة مثل “موزع البريد” و“فرصة تانية” ضمن مسابقة الأفلام القصيرة، إلى جانب الفيلم الوثائقي المصري الطويل “دبكة” للمخرجة ألفت عثمان.

“أهلا بالمستقبل”.. مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يناقش الذكاء الاصطناعي والسينما
“أهلا بالمستقبل”.. مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يناقش الذكاء الاصطناعي والسينما

يبرز مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية كمنصة تجمع بين الفن والتقنية، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا للإبداع، بل فرصة لاستشراف المستقبل وابتكار تجارب سينمائية غير مسبوقة.

توصيات المستقبل: الذكاء الاصطناعي والسينما

مع ختام فعاليات الندوة وتبادل الأفكار، خرج الحاضرون بتوصيات هامة تهدف إلى تحقيق التوازن بين الإبداع البشري واستخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة السينما. ومن أبرز هذه التوصيات:

1. الاستثمار في التعليم والتدريب:
ضرورة توفير دورات تدريبية شاملة لصانعي الأفلام والمبدعين، لتعزيز مهاراتهم في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على كيفية توظيفها بذكاء في مختلف مراحل الإنتاج السينمائي.
2. إطار قانوني لتنظيم الاستخدام:
أكد المتحدثون أهمية وضع قوانين واضحة لحماية حقوق العاملين في صناعة السينما، وضمان عدم تجاوز الذكاء الاصطناعي لدوره كأداة مساعدة للإبداع البشري.
3. تطوير أدوات ذكاء اصطناعي متخصصة:
الحث على تطوير برامج وأدوات ذكاء اصطناعي تلبي الاحتياجات الخاصة بصناعة السينما، مثل تحسين تقنيات التصوير، تصميم المؤثرات البصرية، وتحليل تفاعل الجمهور.
4. تشجيع التعاون بين التقنيين والفنانين:
ضرورة بناء جسور تعاون بين المتخصصين في التكنولوجيا والمبدعين في مجال الفن، لإنتاج أعمال فنية تسهم في تطور السينما مع الحفاظ على هويتها الإنسانية.

الذكاء الاصطناعي كجسر بين الثقافات

أشار الحاضرون إلى الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي في تعزيز التفاهم الثقافي من خلال إنتاج محتوى سينمائي يمكن ترجمته بسهولة إلى عدة لغات، كما حدث مع فيلم “رع” الذي عرض الحضارة المصرية القديمة بأكثر من لغة، مما ساهم في إيصال القصة إلى جمهور عالمي.

رسالة المهرجان: الفن والتقنية معًا

أوضح د. ياسر محب أن اختيار الذكاء الاصطناعي كمحور للمهرجان يعكس إيمان القائمين عليه بقدرة الفن على مواكبة التحولات التكنولوجية، مع الحفاظ على القيم الإنسانية. وأضاف أن “مستر فرنكوفوني”، النموذج المصنوع بالذكاء الاصطناعي، كان بمثابة رمز للمستقبل الذي تتطلع إليه السينما الفرنكوفونية، مؤكدًا أن هذه التكنولوجيا ليست بديلاً للإبداع، بل شريكًا في تطويره.

نحو صناعة سينما مستدامة

ختامًا، شكلت الندوة نموذجًا حيويًا للنقاش حول المستقبل، مؤكدة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهم في تحقيق الاستدامة في صناعة السينما، سواء من خلال تقليل تكاليف الإنتاج أو تحسين الكفاءة الإبداعية. وبينما نخطو خطوات ثابتة نحو المستقبل، يبقى العنصر البشري أساس الإبداع، والذكاء الاصطناعي أداة تدعم هذا الإبداع وتنقله إلى آفاق جديدة.

“أهلا بالمستقبل”، كان شعار المهرجان، وهو في ذات الوقت دعوة للتأمل والعمل نحو مستقبل سينمائي واعد، يدمج بين الإبداع البشري وقوة التكنولوجيا بشكل متناغم ومبتكر.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى