الأطفال في مقدمتهم.. حرب الابادة تُخلف “صدمات نفسية” طويلة الأمد للفلسطينيين
كتبت : أمل مصطفى
تشهد الصراعات الإسرائيلية الفلسطينية تطبيقًا مستمرًا للحروب النفسية؛ حيث تستخدم إسرائيل هذه الأداة كجزء من إستراتيجيتها لتحقيق الهيمنة والسيطرة على الفلسطينيين. تعتمد الحروب النفسية على إثارة الخوف والرعب في قلوب الفلسطينيين، بهدف إضعاف إرادتهم واستعبادهم عن طريق تشتيتهم وإثارة الاضطراب النفسي لديهم.
تأثير الحروب النفسية على الفلسطينيين:
تستخدم إسرائيل العديد من التكتيكات النفسية المؤثرة لتخويف الفلسطينيين وتقويض حريتهم وكرامتهم. تشمل هذه التكتيكات حظر النوم والطعام والشراب، وإحاطة المناطق الفلسطينية بالحواجز والجدران العازلة والمستوطنات، وتقييد حرية التنقل والتجمع. تؤدي هذه الإجراءات إلى إحساس الفلسطينيين بالعزلة وفقدان الأمان والاكتئاب، مما يؤثر على حياتهم اليومية وصحتهم النفسية.
استغلال الخوف والتهديد:
أكد الدكتور إبراهيم مجدي استشاري الطب النفسي، أن إسرائيل تعتمد على استغلال الخوف والتهديد للتأثير على الفلسطينيين. تتضمن هذه الإستراتيجية إرسال رسائل تهديد وتحذير، واستخدام القوة العسكرية والعمليات الأمنية المكثفة، وإطلاق النار على المتظاهرين السلميين، وتدمير الممتلكات الفلسطينية. يهدف ذلك إلى زرع الخوف والرهبة في نفوس الفلسطينيين وكبح رغبتهم في المقاومة والتمرد.
تأثير الحروب النفسية على الأطفال والشباب:
وأضاف استشاري الطب النفسي، أن الأطفال والشباب الفلسطينيين يتعرضون بشكل خاص لتأثيرات سلبية نتيجة للحروب النفسية. تشمل هذه التأثيرات الإجهاد النفسي، والقلق، والاكتئاب، والتشوش التعليمي، ونقص التركيز. يعيش هؤلاء الأطفال والشباب في ظروف قاسية تحرمهم من حقوقهم الأساسية وتعيق نموهم النفسي والاجتماعي.
ما هي الحرب والعمليات النفسية وإدارة الوعي الجمعي؟
واستطرد استشاري الأمراض النفسية، أن الحروب النفسية التي يقوم بها الكيان الصهيوني، تسمي العمليات النفسية psychological operation وهي عمليات مخططة وممنهجة يتم من خلالها اختيار معلومات محددة ومعينة وتوصيلها من خلال الأعداء والحكومات الخارجية المضادة ويكون الهدف من هذه المعلومات هو التأثير نفسيًا ومعنويًا وعلى عواطف ودوافع الشعوب وبالتالي على صناع القرار، مستكملا أنه للقيام بتطبيق العمليات النفسية يجب أن تكون هناك دراسة كاملة على طباع وعادات الشعوب وسلوكياتهم. وقد طبقت أُثناء الحرب الباردة وقد استخدمت بقوة أثناء الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان. واستخدم دافع الديمقراطية والتخلص من الإرهاب للعب على مشاعر وأخذ تأييد العالم للغزو.
وأضاف الدكتور إبراهيم مجدي، أن الكيان الإسرائيلي الآن يستخدم دوافع التخلص من تنظيم حماس وتحت هذا الدافع يتم حرمان الميدانين من النوم والطعام والشراب وفقدان الإحساس بالأمان وفقدان الدواء والاتصال ورسائل التهديد هذه الحروب النفسية بالتأكيد لها انعكاس علي الصحة النفسية التي تترك آثارا لا تمحى مع مرور الوقت.
المطالبة بحماية الفلسطينيين:
من المهم أن تتحرك المنظمات الدولية والمجتمع الدولي لحماية الفلسطينيين من الحروب النفسية والانتهاكات الإسرائيلية. يجب على المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لوقف هذه الأعمال القمعية وتوفير الحماية للفلسطينيين، وضمان حقوقهم الإنسانية والكرامة الإنسانية.
واستطرد استشاري الأمراض النفسية، أن اضطرابات الصحة العقلية لدى الأطفال تعتبر مشكلة خطيرة في غزة، ولكن بدون الموارد المناسبة لمعالجتها، ستستمر معاناة الشباب. ويعيش هؤلاء الأطفال في أكبر سجن مفتوح في العالم، ولا تتاح لهم سوى فرصة محدودة للغاية للمغادرة، بغرض متابعة الفرص أو ببساطة لإنقاذ حياتهم. مع وجود عدد كبير من العوامل التي تهدد حياة الناس في غزة، مثل نقص الغذاء وفرص العمل والمياه والمأوى والسلامة، فمن المرجح أن تظهر اضطرابات الصحة العقلية هذه بسبب عوامل ظرفية، والتي لا يمكن معالجتها إلا بشكل كامل إذا انتهى الاحتلال العسكري.
الصدمة المستمرة
وأشار الدكتور إبراهيم مجدي، إلى أنهم سوف يظلون يعانون الصدمة المستمرة يصعب علاجها ومعالجتها، لأن الصدمة يمكن علاجها، لكنها بالتأكيد ستعود للظهور، ومع كل تكرار يتضاءل الأمل.
وأكد أن الحاجة إلى المساعدات الدولية لمعالجة أزمة الصحة العقلية في غزة أمر بالغ الأهمية، حيث إن هؤلاء الأشخاص في حاجة ماسة إلى المساعدات المالية والإنسانية. إن التبرع للمنظمات غير الحكومية التي تدعم على وجه التحديد الصحة العقلية للأطفال، سواء ماليًا أو جسديًا، يمكن أن يفيد سكان غزة بشكل كبير. ويمكن للممرضات أيضًا المساعدة في تثقيف المجتمع حول أهمية الصحة العقلية، في العيادات والمستشفيات والمدارس في جميع أنحاء غزة. يمكنهم أيضًا تدريب وتعليم المتطوعين في غزة فيما يتعلق بعلامات وأعراض أزمات الصحة العقلية لدى الأطفال، ومساعدتهم في فهم واستخدام أدوات الفحص، ووضع خطة رعاية مع الطفل وأسرته، وتنفيذ التدخلات المناسبة ثقافيًا، وتقييم النجاح. من العلاج بعد الانتهاء منه. ولذلك فإن أزمة الصحة النفسية للأطفال في غزة ستستمر ما لم يتم وضع الخلافات السياسية جانبا، ووضع الصحة والإنسانية في المقدمة.