الإمارات.. قرارات مهمة لتنظيم التسويق عبر المكالمات الهاتفية – ضوابط للحد من مكالمات التسويق المزعجة
كتب : دكتور وائل بدوى
أعلنت وزارة الاقتصاد، وهيئة تنظيم قطاع الاتصالات والحكومة الرقمية في دولة الإمارات، صدور قرار بشأن تنظيم التسويق عبر المكالمات الهاتفية، وآخر بشأن المخالفات والجزاءات الإدارية عن الأفعال التي تقع بالمخالفة لأحكامه، على أن يبدأ تطبيقهما اعتبارًا من منتصف شهر أغسطس المقبل.
وتسري أحكام القرارين على جميع الشركات المرخصة في الدولة، بما في ذلك تلك الواقعة في المناطق الحرة، والتي تقوم بالتسويق للمنتجات والخدمات من خلال المكالمات الهاتفية التسويقية التي تجريها، أو أحد موظفيها، للمستهلك من أجل التسويق أو الدعاية أو الترويج للمنتجات أو الخدمات التي تقدمها أو باسم من يوكّلها، بواسطة رقم هاتف ثابت أو متنقل، بما يشمل الرسائل النصية التسويقية، والرسائل التسويقية من خلال تطبيقات التواصل الاجتماعي.
اشتراطات وضوابط جديدة
ونصت القرارات على أنه يجب على الشركات الحصول على الموافقة المسبقة لمزاولة نشاط التسويق عبر الهاتف من السلطة المختصة، وهي الجهة الحكومية الاتحادية أو المحلية المعنية (كلٌّ حسب اختصاصه) بترخيص أو تنظيم النشاط الاقتصادي، وحظر الأشخاص الطبيعيين (الأفراد) من إجراء مكالمات هاتفية تسويقية لمنتجات أو خدمات يقدمونها باسمهم أو باسم من يوكلهم، بواسطة رقم هاتف ثابت أو متنقل مرخّص باسمهم من قبل شركات الاتصالات المرخص لها في الدولة.
أهداف القرارات
وتهدف تلك القرارات إلى تنظيم التسويق للمنتجات والخدمات عبر المكالمات الهاتفية التسويقية من أجل المحافظة على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وضمان التزام الشركات بقنوات وأوقات التسويق للمنتجات والخدمات المقدمة من قبلها أو من خلالها، بالإضافة إلى الحد من المكالمات الهاتفية التسويقية غير المرغوب فيها بما يحقق راحة المستهلك، وعدم انتهاك خصوصيته.
معايير التسويق عبر الهاتف
ويلزم القرار الشركات في تسويقها للمنتجات والخدمات من خلال المكالمات الهاتفية بإيلاء العناية اللازمة والحرص الكافي على عدم إزعاج المستهلك والالتزام بأعلى معايير الشفافية والمصداقية والنزاهة، ومنها عدم استخدام أي وسائل تسويقية تُشكل ضغوطًا غير مبررة على المستهلك بغرض إقناعه بالمنتج أو الخدمة المقدمة، والابتعاد عن الخداع والتضليل عند تسويق المنتج أو الخدمة، وإجراء المكالمات الهاتفية بغرض التسويق فقط من 9:00 صباحًا وحتى 6:00 مساءً، وعدم معاودة الاتصال بالمستهلك في حال رفضه للمنتج أو الخدمة في المكالمة الأولى، وعدم معاودة الاتصال بالمستهلك، في حال عدم رده على الاتصال أو إنهاء المكالمة، أكثر من مرة في اليوم وبحد أقصى مرتين في الأسبوع.
كما أجاز القرار استخدام أنظمة الاتصال الآلي للتسويق والدعاية والترويج للمنتجات أو الخدمات التي تقدمها الشركة وفق أحكامه، بالإضافة إلى سؤال المستهلك عن مدى رغبته في استكمال المكالمة الهاتفية من عدمه قبل البدء بالتسويق والدعاية والترويج للمنتج أو الخدمة المقدمة، والالتزام بأي ضوابط أخرى يصدر بشأنها قرار من وزير الاقتصاد بعد التنسيق مع السلطة المختصة والجهات ذات العلاقة، وأي ضوابط أخرى إضافية تضعها السلطة المختصة.
ضوابط وآليات جديدة
تضمنت القرارات ضوابط إجراء الشركات المرخصة في الدولة المكالمات الهاتفية التسويقية، وهي: الحصول على الموافقة المسبقة لمزاولة نشاط التسويق عبر الهاتف من السلطة المختصة، وتوفير تدريب شامل لمسوقي الشركة حول أخلاقيات السلوك المهني في إجراء المكالمات التسويقية مع المستهلك، والمبادئ الأساسية لاستخدام سجل عدم الاتصال (DNCR)، واستخدام أرقام هواتف محلية صادرة من قبل شركات الاتصالات المرخص لها في الدولة، وتسجيل هذه الأرقام تحت الرخصة التجارية الخاصة بالشركة المرخصة في الدولة، وإيجاد قناة تواصل للمستهلكين المهتمين بالحصول على المعلومات التسويقية، وأن لا يتم الاتصال التسويقي إلا بهؤلاء المستهلكين، وعدم الاتصال بغرض التسويق للمنتجات أو الخدمات للمستهلكين الواردة أرقامهم في سجل عدم الاتصال (DNCR)، والاحتفاظ بسجل كافة المكالمات الهاتفية التسويقية التي تم إجراؤها، وفقًا للنموذج المعد من قبل السلطة المختصة.
كما تضمنت الضوابط ضمان قيام الشركات المرخصة في هذا المجال بتوفير البيانات والمعلومات عن أنشطتها التسويقية التي تتم من خلال المكالمات الهاتفية التسويقية، وعدم إتلافها إلا بعد انقضاء المدة التي تحددها السلطة المختصة، وتسجيل المكالمات الهاتفية التسويقية، مع ضرورة إشعار المستهلك بهذا التسجيل عند بدء المكالمة، وتقديم تقارير دورية وفق ما تحدده السلطة المختصة بشأن المكالمات الهاتفية التسويقية التي تم إجراؤها وذلك خلال شهر من تاريخ استحقاق التقرير، وتوقيع مدونة السلوك المهني وفقا للنموذج الذي تعده السلطة المختصة في حال ارتأت إصدار هذه المدونة لضمان الحد الأدنى من الممارسات التجارية الأخلاقية في ممارسة الشركات أنشطتها التسويقية عبر الهاتف، والالتزام بالمواعيد المحددة لإجراء المكالمات الهاتفية التسويقية، والتعريف عن هوية الشركة والغرض من الاتصال عند بداية المكالمة، والكشف عن مصدر الحصول على أرقام هواتف وبيانات المستهلك في حال طلبها من السلطة المختصة، بالإضافة إلى عدم استخدام أرقام هاتفية غير مسجلة أو غير مملوكة للشركة المرخصة في الدولة في إجراء المكالمات الهاتفية التسويقية.
حماية المستهلك
تضمنت القرارات أيضا آليات حماية المستهلك من المكالمات الهاتفية التسويقية غير المرغوب فيها، وهي المكالمات الهاتفية التسويقية التي يتم إجراؤها بالمخالفة لأحكام القرارات المشار إليها أعلاه، ولا تشمل المكالمات الهاتفية التسويقية التي تتم بناء على طلب من المستهلك، حيث للمستهلك تقديم شكوى للسلطة المختصة بخصوص المكالمات الهاتفية التسويقية غير المرغوب فيها، على أن تتضمن اسم مقدم الشكوى ورقم هاتفه، واسم ورقم هاتف المشتكى عليه، وأي مستند يدعم الشكوى، إن وجد، وتقوم السلطة المختصة بوضع ضوابط وإجراءات تلقي الشكاوى والبت فيها وفقا للمعمول به لديها، ولها أن تتقصى المعلومات والتحري بشأن المكالمات التسويقية غير المرغوب فيها.
جزاءات إدارية
أكدت القرارات على حظر الكشف عن البيانات الشخصية للمستهلك دون موافقته أو الاتجار فيها لأغراض إعادة معالجتها من قبل الشركات التي ترغب في التسويق لمنتجاتها أو خدماتها للمستهلك من خلال المكالمات الهاتفية التسويقية، بالإضافة إلى حق المستهلك التسجيل في سجل عدم الاتصال (DNCR) لإيقاف استلام المكالمات الهاتفية التسويقية، ورفع الشكاوى بشأنها، وفق التشريعات والإجراءات النافذة بهذا الشأن.
ونصت القرارات على مراعاة التدرج في الجزاءات الإدارية، بحيث تكون على النحو الآتي: الإنذار، الغرامة الإدارية، وقف مزاولة النشاط كليًا أو جزئيًا لمدة لا تقل عن سبعة أيام ولا تزيد عن 90 يومًا، إلغاء الترخيص والشطب من السجل التجاري مع قطع خدمات الاتصالات وإزالة رقم الهاتف، وللسلطة المختصة عدم اتباع التدرج في جزاءات محددة، وتوقيع الجزاء الإداري الأشد في حال ارتكاب الشركة المخالِفة ذات المخالفة التي كانت محلاًّ لجزاء إداري سابق خلال ستة أشهر من تاريخ توقيع الجزاء الإداري.
مخالفة الشخص الطبيعي
كما نصت القرارات على أن للهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات والحكومة الرقمية بالتنسيق مع شركات الاتصالات المرخص لها في الدولة، توقيع جزاء أو أكثر من الجزاءات الإدارية بشأن مخالفة الشخص الطبيعي لحظر إجراء مكالمات هاتفية تسويقية خلافًا لأحكام القرار، ويختص المصرف المركزي في كل ما يتعلق بالمكالمات الهاتفية للتسويق لخدمات البنوك والمنشآت/المؤسسات المالية الأخرى وشركات التأمين والمهن المرتبطة بها المرخصة من قبله والعاملة في الدولة، وذلك على النحو المنصوص عليه في القرارات المشار إليها، والأنظمة الصادرة من قبل المصرف المركزي في هذا الشأن.
غرامات مالية
حددت القرارات 18 نوعًا من المخالفات والجزاءات الإدارية التي تفرض على الشركات المخالفة لأحكام القرارات الصادرة، منها عدم الحصول على الموافقة المسبقة لمزاولة نشاط التسويق عبر الهاتف من السلطة المختصة، وتتدرج الغرامة الإدارية بشأنها من 75 ألف درهم في المرة الأولى إلى 100 ألف درهم في المرة الثانية، و150 ألف درهم في المرة الثالثة، وغرامة تصل إلى 150 ألف درهم في حال الاتصال بغرض التسويق للخدمات أو المنتجات للمستهلكين الواردة أرقامهم في سجل عدم الاتصال (DNCR)، وغرامة تتراوح بين 25 ألفًا و75 ألف درهم في حال ممارسة الخداع والتضليل، عند القيام بالتسويق عبر الهاتف للخدمة أو المنتج للمتعامل.
كما نصت القرارات على غرامة مالية تصل إلى 75 ألف درهم في حال التسويق عبر الهاتف للمنتجات والخدمات من خلال أرقام ليست مسجلة تحت الرخصة التجارية الخاصة بالشركة المرخصة في الدولة، بالإضافة إلى مجموعة من الغرامات الأخرى التي تتراوح بين عشرة آلاف و150 ألف درهم لأي مخالفة لأحكام هذه القرارات.
مخالفات الأفراد
أما بخصوص الأشخاص الطبيعيين (الأفراد)، فقد نص قرار المخالفات والجزاءات الإدارية على أنه في حال قيام الشخص الطبيعي بإجراء مكالمات هاتفية تسويقية لمنتجات أو خدمات باسمه أو باسم من يوكلّه، بواسطة رقم هاتف ثابت أو متنقل مرخص باسمه، فإنه سيخضع لغرامة مالية قدرها خمسة آلاف درهم وقطع جميع أرقام الهاتف الثابت أو المتنقل المسجلة باسمه لحين إتمام دفع الغرامة المالية المستحقة، وتدرج الجزاء إلى 20 ألف درهم وقطع جميع أرقام الهاتف الثابت أو المتنقل المسجلة باسمه لمدة ثلاثة أشهر في حال ارتكب ذات المخالفة خلال 30 يومًا من تاريخ توقيع الجزاء الإداري في المرة الأولى، و50 ألف درهم والحرمان من الحصول على أي من الخدمات من شركات الاتصالات المرخص لها في الدولة لمدة 12 شهرًا في حال ارتكب ذات المخالفة خلال 30 يومًا من تاريخ توقيع الجزاء الإداري في المرة الثانية.
آليات الرقابة والتنفيذ
وتتضمن القرارات آليات لضمان تنفيذ الأحكام الجديدة بشكل فعال. سيُطلب من الشركات المرخصة تسجيل جميع المكالمات الهاتفية التسويقية والاحتفاظ بالسجلات لفترة محددة تحددها السلطة المختصة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الشركات تقديم تقارير دورية حول أنشطتها التسويقية عبر الهاتف وفقًا لما تحدده السلطة المختصة.
التزامات المستهلكين
ومن جانبهم، يُطلب من المستهلكين تقديم الشكاوى بشأن المكالمات الهاتفية التسويقية غير المرغوب فيها إلى السلطة المختصة، التي ستقوم بدورها بالتحقيق في الشكاوى واتخاذ الإجراءات اللازمة بناءً على الأدلة المقدمة. يُعد هذا الإجراء خطوة هامة لضمان حماية خصوصية المستهلكين وتقليل الإزعاج الناتج عن المكالمات التسويقية غير المرغوب فيها.
خلاصة
تشكل هذه القرارات خطوة هامة نحو تنظيم قطاع التسويق عبر المكالمات الهاتفية في دولة الإمارات، حيث تسعى إلى تحقيق توازن بين حماية حقوق المستهلكين وتشجيع الأنشطة التسويقية المشروعة. من خلال فرض ضوابط صارمة وضمان الالتزام بالمعايير الأخلاقية، تعزز هذه الخطوات ثقة المستهلكين في الأنشطة التجارية وتعزز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في الدولة.
رأى المحرر :
تأثير القرارات على السوق والمستهلكين
يتوقع أن تؤدي هذه القرارات إلى تحسين جودة المكالمات التسويقية وتعزيز الشفافية في السوق الإماراتية. حيث ستلزم الشركات بالالتزام بمعايير محددة تمنع الإساءة للمستهلكين وتضمن احترام خصوصيتهم. هذه الخطوات ليست فقط لحماية المستهلكين من المكالمات غير المرغوب فيها، ولكنها تهدف أيضًا إلى بناء علاقة ثقة بين الشركات والمستهلكين.
دعم النمو الاقتصادي
من خلال تنظيم المكالمات الهاتفية التسويقية، تسعى دولة الإمارات إلى دعم نمو الاقتصاد المحلي وتعزيز بيئة تجارية عادلة. هذه القرارات ستمكن الشركات من الاستفادة من التسويق عبر الهاتف بطريقة مسؤولة ومنظمة، مما يعزز الفعالية والكفاءة في التواصل مع المستهلكين. بالإضافة إلى ذلك، سيتمكن المستهلكون من التعامل مع مكالمات تسويقية أكثر احترافية وموثوقية، مما يزيد من فرص تحقيق المبيعات والنمو للشركات.
التحديات المستقبلية
مع تنفيذ هذه القرارات، قد تواجه الشركات تحديات في التكيف مع اللوائح الجديدة وتدريب موظفيها على الامتثال للمعايير الجديدة. ومع ذلك، يمكن لهذه التحديات أن تتحول إلى فرص لتحسين العمليات التجارية وتعزيز الابتكار في مجال التسويق. من المتوقع أن يؤدي الامتثال للقرارات الجديدة إلى تعزيز سمعة الشركات وزيادة رضا العملاء على المدى الطويل.
دور التكنولوجيا في التسويق
تلعب التكنولوجيا دورًا محوريًا في تنفيذ هذه القرارات، حيث يمكن استخدام أنظمة الاتصال الآلي وأدوات إدارة البيانات لضمان الامتثال للضوابط الجديدة. هذه التقنيات تساعد في تحسين جودة المكالمات التسويقية وتقليل المخاطر المرتبطة بالانتهاكات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتكنولوجيا أن توفر حلولًا مبتكرة لتحليل تفاعل المستهلكين وتحسين استراتيجيات التسويق.
دعم الحكومة والمؤسسات
أظهرت الحكومة الإماراتية التزامها بتنظيم القطاع وحماية المستهلكين من خلال هذه القرارات. ومن المتوقع أن يستمر الدعم الحكومي للمبادرات التي تعزز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. كما ستلعب المؤسسات الحكومية دورًا رئيسيًا في مراقبة الامتثال وتنفيذ الجزاءات على المخالفات، مما يعزز فعالية هذه القرارات.
الخلاصة
تشكل القرارات الجديدة لتنظيم التسويق عبر المكالمات الهاتفية في الإمارات خطوة مهمة نحو حماية حقوق المستهلكين وتعزيز الشفافية في السوق. من خلال فرض ضوابط صارمة والالتزام بمعايير أخلاقية عالية، يمكن تحقيق توازن بين حماية المستهلكين وتشجيع الأنشطة التسويقية المشروعة. هذه الجهود ستساهم في بناء بيئة تجارية عادلة ومستدامة، تعزز من ثقة المستهلكين وتدعم النمو الاقتصادي في الدولة.