تكنولوجيا

الخسائر اليومية للمؤسسات الصحية بسبب الهجمات الإلكترونية: أكثر من 2 مليون دولار في اليوم

الخسائر اليومية للمؤسسات الصحية بسبب الهجمات الإلكترونية: أكثر من 2 مليون دولار في اليوم

كتب د. وائل بدوى

أظهرت دراسة حديثة من شركة Comparitech أن المؤسسات الصحية في الولايات المتحدة تخسر في المتوسط 1.9 مليون دولار يوميًا بسبب التوقف الناتج عن الهجمات الإلكترونية من نوع “رانسوم وير” (Ransomware). وبحسب الباحثة ريبيكا مودي، رئيسة قسم الأبحاث في Comparitech، من المتوقع أن تتسارع الهجمات الإلكترونية في قطاع الرعاية الصحية بشكل أكبر في عام 2025.

الهجمات الإلكترونية على القطاع الصحي

الهجمات الإلكترونية من نوع “رانسوم وير” تمثل عبئًا كبيرًا على أي مؤسسة، لكن تأثيرها يكون مدمرًا بشكل خاص على المؤسسات الصحية. وتسبب هذه الهجمات توقف الأنظمة الصحية، مما يؤدي إلى صعوبة تقديم الرعاية الصحية أو الوصول إلى بيانات المرضى حتى يتم دفع الفدية أو إزالة الرانسوم وير بواسطة الفرق التقنية المتخصصة.

وأكد التقرير أن هذه الهجمات أصبحت شائعة بشكل متزايد في قطاع الرعاية الصحية. فمنذ عام 2018، تعرضت 654 مؤسسة طبية لهجمات من نوع “رانسوم وير”، حيث تم تسجيل 143 هجومًا العام الماضي فقط. وتسببت الهجمات في كشف بيانات أكثر من 26.2 مليون سجل طبي خلال العام الماضي.

تكلفة الهجمات على المؤسسات الصحية

وفقًا للتقرير، يُطلب من المؤسسات الصحية دفع متوسط فدية قدره 1.18 مليون دولار في حال حدوث هجوم “رانسوم وير”، لكن تكلفة الهجوم تتجاوز الفدية بكثير. فإذا قامت المؤسسة بدفع الفدية لفك تشفير الأنظمة، فإنها لا تزال تواجه العديد من التكاليف المرتبطة بالتعافي من الهجوم.

وتشمل تكاليف التعافي تكلفة استعادة الأنظمة المتأثرة، وأجر فرق العمل المتخصصة التي تساعد في مواجهة الهجوم (بالإضافة إلى العمل الإضافي للموظفين)، والإيرادات المفقودة بسبب التوقف، وتكلفة توفير الحماية من سرقة الهوية للأفراد المتضررين من اختراق البيانات.

أهمية التخطيط والاستعداد لمواجهة الهجمات الإلكترونية

أكدت ريبيكا مودي أنه من الضروري أن يكون لدى جميع مقدمي الرعاية الصحية خطة واضحة في حال تعرض أنظمتهم لهجوم “رانسوم وير”. يتضمن ذلك إنشاء فريق استجابة للحوادث، ووضع خطة اتصال قوية، وإنشاء تعليمات خطوة بخطوة حول كيفية إدارة التهديدات، مثل إزالة الأنظمة المصابة من الشبكة وكيفية استعادة البيانات. كما أشارت إلى أن إجراء النسخ الاحتياطية بانتظام يعد أمرًا بالغ الأهمية للحد من التوقف الناتج عن الهجمات الإلكترونية.

التحديات المستمرة أمام القطاع الصحي

على الرغم من التحسينات التي قد يتم إدخالها في بنية الأنظمة الأمنية، فإن التهديدات الإلكترونية لا تزال تزداد تعقيدًا وتشكل تحديًا كبيرًا للقطاع الصحي. تتزايد الأساليب التي يعتمد عليها المهاجمون لإيصال البرمجيات الخبيثة إلى الأنظمة، مع استخدام تقنيات متطورة مثل “الهندسة الاجتماعية” التي تستهدف الموظفين مباشرة، مما يزيد من صعوبة التصدي لهذه الهجمات.

بالإضافة إلى ذلك، تواصل شركات التكنولوجيا والبرمجيات الابتكار في مجال الحماية، لكن في نفس الوقت، تزداد التهديدات الأمنية بسبب الابتكار المستمر للمهاجمين. هذه الديناميكية تجعل من الضروري أن تظل المؤسسات الصحية في حالة تأهب وتحديث دائم للأنظمة الأمنية.

تأثير الهجمات الإلكترونية على المرضى

على الرغم من أن الهجمات الإلكترونية تضر بالمؤسسات الصحية من الناحية المالية والعملية، إلا أن التأثير الأكبر يكون على المرضى. ففي حالات الهجوم، قد يفقد المرضى الوصول إلى بياناتهم الطبية، مما يعرض حياتهم للخطر في حالات الطوارئ. بالإضافة إلى ذلك، فإن التوقف عن تقديم الرعاية الصحية قد يؤثر سلبًا على المرضى الذين يعتمدون على العلاجات المستمرة أو الإجراءات الطبية المجدولة.

مع ذلك، فإن بعض المؤسسات الصحية قد تواجه تحديات أكبر في التعامل مع الهجمات الإلكترونية مقارنة بالمؤسسات الأخرى، مثل المستشفيات الصغيرة أو العيادات التي قد تفتقر إلى الموارد الكافية لمواجهة هذه الهجمات بشكل فعال.

الطريق نحو التحسين

من أجل تحسين الأمان الإلكتروني في المؤسسات الصحية، من الضروري أن تتبع بعض الإجراءات الوقائية الأساسية مثل:

1.التدريب المستمر للموظفين: يجب أن يتم تدريب جميع الموظفين على كيفية التعرف على الرسائل الإلكترونية المريبة والتعامل مع الأنظمة بشكل آمن.

2.التحديثات الأمنية المنتظمة: تحديث البرمجيات والأنظمة بشكل مستمر أمر بالغ الأهمية للحد من الثغرات التي قد يستغلها المهاجمون.

3.النسخ الاحتياطي المستمر: يجب أن تكون هناك آلية فعالة لعمل النسخ الاحتياطية لبيانات المرضى والأنظمة الحيوية، مما يتيح للمؤسسات الصحية استعادة البيانات في حال وقوع الهجوم.

4.استخدام تقنيات الأمان المتقدمة: مثل التشفير القوي، جدران الحماية، وأنظمة كشف التسلل، لتقليل فرص حدوث اختراق.

الخسائر اليومية للمؤسسات الصحية بسبب الهجمات الإلكترونية: أكثر من 2 مليون دولار في اليوم
الخسائر اليومية للمؤسسات الصحية بسبب الهجمات الإلكترونية: أكثر من 2 مليون دولار في اليوم
الخسائر اليومية للمؤسسات الصحية بسبب الهجمات الإلكترونية: أكثر من 2 مليون دولار في اليوم
الخسائر اليومية للمؤسسات الصحية بسبب الهجمات الإلكترونية: أكثر من 2 مليون دولار في اليوم

استراتيجيات تعزيز الأمان السيبراني في القطاع الصحي

في ظل التزايد المستمر للهجمات الإلكترونية، لا يمكن للمؤسسات الصحية أن تكتفي بالأساليب التقليدية للأمان السيبراني. من أجل التصدي لتلك التهديدات، يجب أن يتم تبني استراتيجيات أمان متكاملة تشمل جوانب متعددة، بما في ذلك التقنية والإدارية والبشرية.

1. إدارة المخاطر الإلكترونية بشكل شامل

من الضروري أن تقوم المؤسسات الصحية بتقييم مستمر للمخاطر التي قد تتعرض لها، من خلال إجراء اختبارات متكررة على الشبكات والأنظمة للكشف عن أي ثغرات أمنية. هذا يشمل تحليل الأنظمة القديمة أو غير المحدثة، وتحديد العمليات التي يمكن أن تصبح نقاط ضعف في الشبكة. يمكن أن تشمل هذه الخطوات أيضًا اختبار اختراقات من قبل متخصصين في الأمان السيبراني لتقييم استعداد النظام.

2. تقنيات التوثيق متعددة العوامل

تعتبر تقنيات التوثيق متعددة العوامل (MFA) من أفضل الوسائل للحد من الهجمات على الأنظمة الصحية. فهي تضيف طبقة أمان إضافية عن طريق طلب أكثر من عامل واحد للوصول إلى الأنظمة، مما يجعل من الصعب على المهاجمين الحصول على صلاحيات غير مصرح بها. يمكن تطبيق هذا على أنظمة دخول الموظفين، والأنظمة التي تحتوي على معلومات حساسة مثل السجلات الطبية.

3. تحليل البيانات وذكاء الأعمال

استخدام الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات في الكشف عن الهجمات الأمنية في مراحلها المبكرة يمكن أن يكون له تأثير كبير. يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل الأنماط في الأنشطة المريبة، والتنبؤ بالهجمات قبل أن تحدث، مما يتيح للفرق الأمنية استجابة سريعة وفعّالة. هذا النوع من التكنولوجيا يساعد على تقليل الوقت المستغرق في تحديد مشكلات الأمان، مما يسمح بالاستجابة السريعة.

4. الاستجابة للحوادث والتعافي

يجب أن يكون لدى كل مؤسسة صحية خطة استجابة للحوادث تتضمن خطوات محددة لمعالجة الهجمات الإلكترونية بشكل فعال. تشمل هذه الخطة تحديد الفرق المسؤولة عن التصدي للهجوم، واستراتيجيات لاستعادة الأنظمة المتضررة بسرعة. من المهم أيضًا أن تشمل هذه الخطة آليات للتواصل الفوري مع السلطات المعنية لتقليل الأضرار.

5. التعاون مع الشركاء الخارجيين

في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر التعاون مع شركات الأمن السيبراني أو فرق استشارية خارجية ذات الخبرة في التعامل مع الهجمات الإلكترونية. يمكن لهذه الشراكات أن توفر للمؤسسات الصحية الأدوات والمعرفة اللازمة لتعزيز الأمان والحماية من الهجمات.

دور الحكومة في دعم الأمان السيبراني في القطاع الصحي

تلعب الحكومة دورًا محوريًا في تعزيز الأمان السيبراني للقطاع الصحي من خلال تشجيع التشريعات والسياسات التي تضمن حماية البيانات الشخصية والطبية للمرضى. ينبغي على الحكومات تقديم الدعم اللازم للمؤسسات الصحية في هذا المجال عبر:

1.إصدار القوانين واللوائح التي تحد من الهجمات الإلكترونية: من خلال فرض معايير صارمة لأمان البيانات وحماية الخصوصية، مما يجعل المؤسسات ملزمة بتطبيق تقنيات الأمان الحديثة.

2.تقديم الدعم المالي والتقني: قد تحتاج المؤسسات الصحية، خاصةً المستشفيات الصغيرة والعيادات، إلى دعم من الحكومة لتوفير الأدوات والبرمجيات اللازمة لضمان الأمان السيبراني.

3.التعاون بين القطاعين العام والخاص: من خلال الشراكات بين الحكومات والشركات الخاصة في مجال التكنولوجيا والأمن السيبراني لتبادل المعرفة والخبرات وابتكار حلول جديدة.

خلاصة القول

إن الهجمات الإلكترونية على القطاع الصحي تزداد تعقيدًا وتكلفة بشكل مستمر، مما يتطلب من المؤسسات الصحية تكثيف جهودها لمواكبة أحدث تقنيات الأمان السيبراني. على الرغم من التحديات الكبيرة، يمكن للقطاع الصحي أن يتجاوز هذه المخاطر من خلال تبني استراتيجيات فعالة للأمان، وتحسين التنسيق بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومات، والمطورين، والهيئات التنظيمية. الأمان السيبراني في القطاع الصحي ليس خيارًا، بل ضرورة لضمان سلامة البيانات الصحية وحماية حياة المرضى.

تظل الهجمات الإلكترونية تهديدًا كبيرًا للقطاع الصحي، مع زيادة في تكرار الهجمات وتكلفتها المالية. من المهم أن تكون المؤسسات الصحية مستعدة بشكل جيد لمواجهة هذه التهديدات عبر وضع استراتيجيات فعّالة للتعافي وتقليل الأضرار. الهجمات الإلكترونية لا تقتصر فقط على القطاع المالي، بل تمتد إلى الحفاظ على حياة الناس وبياناتهم الصحية، مما يجعل التحضير لمثل هذه الهجمات أمرًا حيويًا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى