الذكرى الـ101 لاكتشاف تابوت الملك الذهبي توت عنخ آمون: أعظم اكتشاف أثري في التاريخ
كتب د. وائل بدوى
في مثل هذا اليوم، الثالث من يناير عام 1924، تحققت واحدة من أعظم اللحظات في تاريخ علم الآثار، حيث تم الكشف عن تابوت الملك الذهبي توت عنخ آمون بعد عامين من العثور على مقبرته في وادي الملوك بالأقصر. هذا الحدث، الذي غيّر مجرى دراسة الحضارة المصرية القديمة، جاء بفضل عالم المصريات البريطاني هوارد كارتر، الذي كان مدعومًا من اللورد كارنافون.
لكن وراء هذا الاكتشاف الأعظم كان هناك دور غير متوقع لصبي مصري يُدعى حسين عبد الرسول، الذي أشار إلى الموقع الذي خبأ كنوز الملك الشاب. هذه اللحظة لم تكن مجرد اكتشاف أثري بل كانت بداية لسحر عالمي بالحضارة الفرعونية، واحتل الحدث عناوين الصحف العالمية آنذاك.
تابوت توت عنخ آمون: ثلاث طبقات من العظمة
عند اكتشافه، وُجد تابوت الملك توت عنخ آمون محميًا بثلاثة توابيت داخلية، كل منها أروع من الآخر، يبرز فيها الإبداع والمهارة التي وصل إليها المصريون القدماء.
1. التابوت الذهبي الداخلي
•الوصف:
هذا التابوت المصنوع من الذهب الخالص يزن حوالي 110.4 كجم ويأخذ شكل مومياء الملك.
•المكان الحالي:
يُعرض الآن في المتحف المصري بالتحرير، ويُعتبر رمزًا عالميًا لعظمة الحضارة المصرية القديمة.
•تفاصيل إضافية:
كان التابوت ملفوفًا بكتان يغطيه بالكامل باستثناء الوجه، وعند فتحه ظهر القناع الذهبي الشهير الذي يزين رأس المومياء.
2. التابوت الأوسط المذهب
•الوصف:
مصنوع من الخشب المغطى بصفائح ذهبية، ومزين بعجائن زجاجية متعددة الألوان.
•المكان الحالي:
يُعرض أيضًا في المتحف المصري بالتحرير.
•أهميته:
يُعد هذا التابوت مثالًا حيًا على المهارة الفائقة في الزخرفة الدقيقة والفن الراقي في العصر الفرعوني.
3. التابوت الخارجي الكبير
•الوصف:
تابوت ضخم مصنوع من الخشب المذهب، يمثل الملك في هيئة المعبود أوزير.
•التفاصيل التصميمية:
•اليدان مكسوتان برقائق ذهبية، متقاطعتان على الصدر، ممسكتان بالشارات الملكية.
•مطعّم بعجائن زجاجية زرقاء وحمراء.
•يحتوي على مقابض فضية لتحريك الغطاء.
•الأبعاد:
يبلغ طوله 223.5 سم، عرضه 83.8 سم، وارتفاعه 105.5 سم.
رمزية التابوت
كل عنصر في تصميم التابوت يعكس عظمة المصريين القدماء في الجمع بين الفن والدين والسلطة. فقد كانت الأجنحة المنبسطة على التابوت ترمز إلى الحماية الإلهية، بينما كان الذهب يشير إلى الخلود والنقاء الملكي.
اكتشاف غيّر التاريخ
الكشف عن تابوت توت عنخ آمون لم يكن مجرد العثور على كنوز، بل كان نافذة إلى عالم غني بالثقافة والفنون والمعتقدات الدينية. وقد أثار الاكتشاف دهشة العالم وفتح أبوابًا جديدة لدراسة التاريخ الفرعوني.
الأثر العالمي لاكتشاف توت عنخ آمون
1.تسليط الضوء على الحضارة المصرية:
أعاد الاكتشاف تعريف الطريقة التي ينظر بها العالم إلى الحضارة المصرية القديمة، وأبرز عظمة الفن والمعمار الفرعوني.
2.إلهام الأجيال:
أصبح توت عنخ آمون رمزًا عالميًا للملكية المصرية القديمة، وألهم العلماء والفنانين حول العالم.
3.زيادة الوعي السياحي:
ساهمت كنوز توت عنخ آمون في تعزيز مكانة مصر كواحدة من أبرز الوجهات السياحية في العالم.
إرث خالد
اليوم، وبعد مرور 101 عام على اكتشاف تابوت توت عنخ آمون، يظل هذا الملك الشاب رمزًا خالدًا لعظمة الحضارة المصرية القديمة. كل قطعة أثرية تم اكتشافها في مقبرته تحكي قصة شعب لا يزال يسحر العالم بإنجازاته.
“توت عنخ آمون ليس فقط ملكًا من الماضي، بل هو بوابة للتأمل في مستقبل مليء بالاكتشافات والإلهام.”
