الشروق نيوز تنشر البحث رقم 5 بشأن الحصانه القضائيه لأعضاء النيابة الإدارية
كتبت:حنان رجب
يتعلق موضوع البحث فيما ورد بتأشيرة معالي المستشاره مدير الدراسات والبحوث عضو المجلس الأعلى المورخه 2024/5/1 وذلك بناء على تكليف عاجل من معالي المستشار رئيس الهيئة بتاريخ 2024/4/28 حال انعقاد المجلس الاعلي للنيابه الاداريه بتكليف المركز ببحث دراسة قانونية القبض علي عضو النيابة الإدارية في غير حالات التلبس دون موافقة المجلس الاعلي للنيابه الاداريه
ولما كانت الماده(40 مكرر /2) من القانون رقم 117 لسنة 1958 الصادر بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية نصت علي أنه لا يجوز في غير حالات التلبس بالجريمة القبض على عضو النيابة الإدارية أو حبسه احتياطيا أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى الجنائية عليه إلا بعد الحصول على إذن من المحامي العام المختص وفي حالة التلبس يجب عند القبض على عضو النيابة الإدارية أن يخطر المحامي العام المختص ليقرر حبسه أو الإفراج بكفالة أو بغير كفالة وذلك بعد تحقيق يندب لاجرائه أحد أعضاء النيابة الإدارية ويخطر رئيس هيئة النيابة الإدارية عند إجراء التحقيق أو القبض علي أحد أعضاء النيابة الإدارية أو حبسه احتياطيا ويجري تنفيذ الحبس والعقوبات الأخري المقيده للحريه في أماكن مستقله عن الأماكن المخصصة لحبس السجناء الآخرين وقد ورد النص الماده(2) من القانون رقم 131 لسنة 1948 بإصدار القانون المدني متضمنا أنه: لا يجوز إلغاء نص تشريعي الا بتشريع لاحق بنص صراحه علي هذا الإلغاء أو يشمل علي نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع وحيث إنه لما كانت الماده (197) من دستور جمهوريه مصر العربيه المعدل لسنة2014 نصت علي أن: النيابه الاداريه هيئة قضائية مستقلة تتولي التحقيق في المخالفات الاداريه والمالية وكذا التي تحال إليها ويكون لها بالنسبة لهذه المخلفات السلطات المقرره لجهة الإدارة في توقيع الجزاءات التأديبية ويكون الطعن في قراراتها أمام المحكمة التأديبية المختصة بمجلس الدولة كما تتولي تحريك ومباشرة الدعاوي والطعون التأديبية أمام محاكم مجلس الدولة وذلك كله وفقا لما يتطلبه القانون ويحدد القانون اختصاصاتها الأخري ويكون لاعضائها كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطه القضائيه وتنظم القانون مساءلتهم تأديبيا : وحيث إنه بمراجعة قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة1972 المعدل بالقانون رقم77 لسنة2019 يتبين أنه نص في الماده (96) منه علي أنه: في غير حالات التلبس بالجريمة لا يجوز القبض على القاضي وحبسه احتياطيا الا بعد الحصول على إذن من المجلس المنصوص عليه في الماده94 ” مجلس القضاء الأعلى” وفي حالات التلبس يجب على النائب العام عند القبض على القاضي وحبسه أن يرفع الأمر إلي المجلس المذكور في مدة الأربع والعشرين ساعة التاليه وللمجلس أن يقرر أما استمرار الحبس أو الإفراج بكفالة أو بغير كفالة وللقاضي أن يطلب سماع أقوله أمام المجلس عند الأمر عليه ويحدد المجلس مدة في القرار الذي يصدر بالحبس أو باستمراره وتراعي الإجراءات السالفة الذكر كلما رؤي استمرار الحبس الاحتياطي بعد انقضاء المدة التي قررها المجلس. وفيما عدا ما ذكر لا يجوز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق مع القاضي أو رفع الدعوى الجنائية عليه في جنايه أو جنحة الا بإذن من المجلس المذكور وبناء على طلب النائب العام. ويجري حبس القضاه وتنفذ العقوبات المقيده للحرية بالنسبة لهم في أماكن مستقلة عن الأماكن المخصصة لحبس السجناء الآخرين وحيث إنه باستقراء الأحكام القانونية السابق التنويه عنها فإنها تيثر إشكالية الإلغاء التشريعي وقد استقر الفقه القانوني قديما وحديثا علي أنه يقصد بإلغاء القاعده القانونيه إنهاء العمل بها أو تجريدها من قوتها الملزمه بالنسبة للمستقبل وان الأصل في شأن السلطه التي تملك إلغاء القاعده القانونيه هي السلطه التي تملك انشائها أو سلطة اعلي منها وعلي ذلك وأعمالا لقاعده التدرج الشريعي فالتشريع الدستوري لا يعدل ولا يلغي الا بتشريع دستوري مثله والتشريع العادي لا يلغي الا بتشريع دستوري أو بتشريع عادي والتشريع الفرعي يلغي بتشريع فرعي أو عادي او دستوري كما استقر الفقه علي إلغاء القاعده القانونيه قد يكون صريحا وقد يكون ضمنيا ويتحقق الإلغاء الصريح في حالة صدور قاعده قانونيه جديده تقضي صراحة بإلغاء قاعده قانونيه قديمه ويقصد بالالغاء الضمني ذلك الإلغاء الذي لا يتحقق بتصريح به من القاعدة القانونية الجديدة وانما يستفاد ضمنا من استحالة الجمع بين القاعده القديمه والقاعده الجديدة في آن واحد وهو ما يتحقق في حالتين :
الحاله الاولي هي حالة التعارض بين القاعده القديمه والقاعده الجديده بحيث لا يمكن التوفيق بينهما إلا بإلغاء إحداهما وفي هذه الحاله يعتبر وجود القاعده الجديده إلغاء القاعده السالفه .
أما الحاله الثانيه: التي يتحقق فيها الإلغاء الضمني فهي حالة تنظيم القاعدة الجديدة ذات الموضوع الذي سبق أن نظمته القاعده القديمه. اذا يستخلص من إعادة تنظيم الموضوع أن القواعد الجديدة قد نسخت القواعد القديمه وفي هذه الحاله تلغي القواعد الجديدة القواعد القديمه سوء تعارضت ام لم تكن متعارضه معها وذلك دون حاجه الي النص في القواعد الجديدة علي القواعد القديمه
كما استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا بشأن إشكالية إلغاء القاعده القانونيه علي أن الأصل المقرر بنص المادة الثانية من القانون المدني هو أن كل تشريع لاحق يعتبر ملغيا لتشريع السابق بالقدر الذي يتحقق فيه التعارض بينهما وكان نص هذه الماده يفترض تشريعين تعاقبا في الزمان واختلفا في المضمون إذا أن القول بالتعارض بين تشريعين يفترض أن يكون لسنة24 دستوريه جلسة2003/11/2 تاريخ النشر2003/11/13 دستورية جلسة 2003/11/2 تاريخ النشر 2003/11/13 والمقرر كذلك في قضاء محكمة النقض أن مودي نص المادة الثانية من القانون المدني أن النص التشريعي الذي يتضمن قاعده عامه يجوز إلغاؤه بتشريع لاحق ينص صراحه علي هذا الإلغاء أو يشتمل علي نص يتعارض مع التشريع القديم وينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع ويقصد بالتعارض في هذه الخصوص أن يكون النصان واردين علي محل واحد ويستحيل أعمالهما فيه معا (الطعن رقم16181 لسنة 77ق نقض مدني جلسة 2018/10/4 وقد تواتر قضاؤها علي أن إلغاء النص التشريعي لا يتم حسيما نقضي به الماده الثانيه من القانون المدني الا بتشريع لاحق بنص صراحه علي هذا الإلغاء أو يشتمل علي نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع إلا أن إلغاء التشريع كقاعده عامه يزيله بالنسبة للمستقبل فقط وليس بالنسبة للماضي الطعن رقم9939 لسنة82 ق نقض مدني جلسة 2020/10/7 وحيث إنه في مجال بحث إشكالية مدي جواز التطبيق المباشر للنص الدستوري دون الحاجه لاصرار تشريع جديد فالثابت أن أحكام الدستور التي لا يحتاج أعمالها الي سن تشريع ادني يتعين أعمالها من تاريخ نفاذ الدستور واعتبار ما يخالفها من التشريعات الادني منسوخه ضمنا بقوة الدستور فالاصل أن يوضح الدستور الاطارالعام للأحكام ويترك للقانون تفصيل هذه الأحكام وحنيئذ يكون الدستور موجها الي المشرع لسن مايلزم من قوانين منفذها لأحكامه ولكن قد ترد نصوص بالدستور تصلح بذاتها للتطبيق دون الحاجه لصدور قانون وفي هذه الحاله تكون هذه النصوص موجهه الي السلطه القضائيه لتطبيقها مباشره دون حاجه لأمر من المشرع بتطبيقها وقد ايدت الأحكام القضائية مانحا إليه الفقه وفي ذلك قررت محكمة النقض أنه لما كان الدستور وهو القانون الوضعي الرسمي صاحب الصدارة فكان علي ما دونه من التشريعات النزول عن أحكامه فإذا ما تعارضت هذه وتلك وجب التزام احكام الدستور وإهدار ماسواها وكان التشريع لا يلغي الا بتشريع لاحق بنص علي الإلغاء صراحه أو يدل عليه ضمنا وكان إلغاء التشريع لا يكون إلا بتشريع لاحق مماثل له أو اقوي منه فإذا ما أورد الدستور نصا صالحا بذاته للأعمال يغير حاجه الي سبق تشريع اوفي لزم أعمال هذه النص من يوم العمل به ويعتبر الحكم المخالف في هذه الحال قد فسخ ضمنا بقوة الدستور نفسه الطعن رقم1630 لسنة 48 ق نقض جنائي جلسة 1980/3/13 وبنفس المعني : الطعن رقم 1216 لسنة49 ق نقض مدني جلسة 1983/1/27 الطعن رقم 1852 لسنة 49ق نقض مدني جلسة 1982/5/15 الطعن رقم 1853 لسنة49 ق نقض مدني جلسة 1983/5/17 ومن خلال أعمال ما استقر عليه الفقه مؤيدا بالسوايق القضائية فيما يتعلق بقاعدتي الإلغاء التشريعي والسريان المباشر للنص الدستوري يتبين أن نص الماده 197 من دستور جمهوريه مصر العربيه المعدل لسنة 2014 قد منح أعضاء النيابة الإدارية كافة الضمانات والحقوق المقرره لأعضاء السلطه القضائيه وهو ما يترتب عليه اعتبار حكم الماده (40مكرر/2) من القانون رقم 117 لسنة 1958 الصادر بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية ملغي ضمنيا من تاريخ اصدار الدستور في2014/1/18 ويعد الحكم الوارد في هذه النص الدستوري هو واجب التطبيق الفوري وترتيبا علي ما تقدم فإنه ينطبق علي أعضاء النيابة الإدارية يتمتعون بخصوص الضمانه الإجرائية في غير حالات التلبس احكام الماده 96 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 77 لسنة2019 دون ما حاجه الي صدور تشريع جديد يقر هذه الضمانه. ومما يعضد حجية السريان المباشرة لهذا الحكم الدستوري أن الفقره الثانيه من الماده 197 من الدستور لم تنص صراحه بالنسبة لتمتع أعضاء النيابة الإدارية بذات الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطه القضائيه علي تنظيمها وفقا لأحكام القانون كما فعلت في عجز الفقره الاولى من الماده ذاتها بالنسبة لاختصاصات النيابه الاداريه حيث ألحقت بيان اختصاصاتها بجملة ” وذلك وفقا لما ينظمه الدستور” وهذه الجمله لم ترد في عجز الفقره الثانيه من الماده 197 مما يدل علي انصراف قصد المشرع الي السريان المباشر للحكم الوارد لهذه الفقره والمتعلق يتمتع أعضاء النيابة الإدارية بالحصانه القضائية المقرر لأعضاء السلطه القضائيه وفيما يتعلق بما يثار بهذا الشأن بخصوص ما ورد بنص الفقره الاولى من الماده (224) من دستور جمهوريه مصر العربيه المعدل لسنة 2014 من أن كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور الدستور يبقي نافذا ولا يجوز تعدللهما ولا إلغاؤها الا وفقا للقواعد والإجراءات المقررة في الدستور ونلتزم الدوله بإصدار القوانين لأحكام هذا الدستور. فمن الواضح الجلي أنه لا مجال لأعمال حكم هذه الفقره علي الحاله الماثله ذلك أنه يتعين التميز بين النصوص الدستورية القابله للتطبيق مباشره وتلك التي يستلزم تطبيق أحكامها صدور تشريع جديد فإن تطلب المشرع الدستوري لأعمال نص دستوري إصدار تشريع ما فلا مناص من تطبيق الفقره الاولى من الماده 224 من الدستور والإبقاء علي التشريعات القائمه لحين صدور تشريعات منفذه للنص الدستوري وفقا للفقره الثانية من الماده ذاتها أما إذا لم يتطلب المشرع الدستوري صدور قانون لأعمال نص دستوري معين فلا مجال لأعمال حكم الفقره الاولى من الماده 224 من الدستور ويعد النص الدستوري باعتباره القاعدة التشريعية لاعلي هو الواجب التطبيق مباشره أعمالا لقواعد الإلغاء التشريعي وهو ما ينطبق بجلاء علي تطبيق أحكام قانون السلطة القضائية علي الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء النيابة الإدارية وفقا للمادة 197 من الدستور حيث نصت هذه الماده الدستورية علي أن القانون ينظم اختصاصات النيابه الاداريه ومساءلة اعضائها تأديبيا مما يتطلب الماده ذلك ولم تحل لتنظيم قانوني لاحق فيما يتعلق بالضمانات والحقوق والواجبات دائما نصت علي أنه: ويكون لاعضائها الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطه القضائيه وهو ما يعني أن النص الدستوري لم يتطلب صدور قانون لأعماله فيما يتعلق بهذه الجزئيه بل يطبق الحكم الدستوري مباشره ويلغي ما يخالفه وفي ذلك تقرر المحكمه الاداريه العليا أن حل ما يقرره نص الماده 224 من الدستور القائم هو الاحتفاظ بقوة النفاذ للأحكام التي قررتها القوانين واللوائح قبل صدور الدستور ولا يمنع ذلك من تصدي المحكمه الدستوريه العليا لهذه النصوص والقضاء بالغائها حال عدم مطابقتها لأحكام الدستور القائم الطعن رقم 13647 لسنة 58 ق ع جلسة 2014/6/22
ومن جماع ماتقدم نخلص الي انه
في غير حالات التلبس بالجريمة لا يجوز القبض علي عضو النيابة الإدارية وحبسه احتياطيا الا بعد الحصول علي إذن من المجلس الاعلي للنيابه الاداريه وذلك أعمالا لنص الماده 96 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 77 لسنة 2019 والتي تسري أحكامها علي أعضاء النيابة الإدارية تأسيسا علي حتمية السريان الفوري المباشر لنص الفقره الثانيه من الماده 197 من دستور جمهوريه مصر العربيه المعدل لسنة 2014