“اللي عايز يحب.. ييجي بدري” – عن الحب، الاهتمام، وقيمة التوقيت

“اللي عايز يحب.. ييجي بدري” – عن الحب، الاهتمام، وقيمة التوقيت
كتب د. وائل بدوى
في الحياة، كما في كل شيء آخر، التوقيت مهم. كثيرًا ما نسمع مقولة: “اللي عايز يحب، ييجي بدري”، وهي عبارة تحمل في طياتها أكثر مما يبدو على السطح. قد تبدو وكأنها مجرد دعوة للحضور مبكرًا، لكنها في الواقع تلخص فلسفة كاملة عن الحب، الاهتمام، والجهد المبذول في العلاقات الإنسانية، سواء كانت علاقات شخصية، عاطفية، أو حتى مهنية.
الحب ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو تفاصيل صغيرة تُبنى على الاهتمام والتقدير. والاهتمام، كما نعلم جميعًا، يظهر في الأفعال أكثر من الأقوال، وأحد أصدق أشكاله هو المبادرة، الحضور، وإعطاء الوقت لمن نحب.
الحب ليس مجرد شعور، بل فعلٌ يومي يتطلب جهدًا. عندما يقرر شخص أن يكون حاضرًا مبكرًا، فهو لا يفعل ذلك فقط بدافع النظام، بل لأنه يقدّر الوقت المشترك، يحترم الآخر، ويريد أن يكون جزءًا من اللحظة منذ بدايتها.
•في العلاقات العاطفية: الشخص الذي يهتم حقًا، لا ينتظر حتى اللحظة الأخيرة ليظهر مشاعره، بل يسعى ليكون حاضرًا دائمًا في حياة من يحب، يستمع، يساند، ويتواجد دون الحاجة إلى أن يُطلب منه ذلك.
•في الصداقات: الصديق الحقيقي لا يأتي فقط عند الحاجة، بل يكون موجودًا مبكرًا، يدعم في الأوقات الصعبة، ويحتفل في اللحظات السعيدة دون انتظار دعوة.
•في العمل والمشاريع: الموظف أو الشريك الذي يؤمن بقيمة ما يفعله، لا ينتظر حتى يطرق النجاح بابه، بل يبدأ مبكرًا، يعمل بجد، ويستثمر وقته ومجهوده ليصل إلى أفضل النتائج.
التأخير ليس مجرد غياب جسدي عن اللحظة، بل قد يكون غيابًا عن الفهم، عن المشاركة، عن بناء الذكريات. حين تأتي متأخرًا، قد تجد أن الفرصة قد ضاعت، أن الوقت الذي كان متاحًا لم يعد كذلك، وأن المشاعر التي كان يمكن أن تزهر قد ذبلت.
•الفرص لا تنتظر: من ينتظر كثيرًا ليُعبّر عن مشاعره قد يجد أن الشخص الآخر قد رحل أو فقد اهتمامه. ومن يؤجل العمل على حلمه قد يجد أن الزمن سبقه وأن الفرصة لم تعد متاحة.
•الوقت كفيل بكشف الأولويات: حين تهتم بشيء، ستعطيه وقتك دون تردد. وحين تتأخر، فأنت ترسل رسالة غير مباشرة بأن هذا الأمر ليس من أولوياتك.
الحضور لا يعني فقط الوصول إلى الموعد المحدد، بل يعني أن تكون حاضرًا ذهنيًا وعاطفيًا. قد يكون هناك شخص يصل مبكرًا لكنه غائب بروحه، وقد يكون هناك من يأتي متأخرًا لكنه يُعطي من قلبه ما يعوّض التأخير.
•أن تأتي مبكرًا يعني أن تُقدّر الآخر: سواء في الحب أو العمل، المبادرة بالحضور مبكرًا تعكس تقديرك للموقف، للمكان، وللأشخاص الذين تنتظرهم.
•اللحظة الأولى تترك أثرًا لا يُنسى: تمامًا كما يُقال في المسرح إن “الانطباع الأول يدوم”، فإن الحضور في الوقت المناسب يخلق انطباعًا قويًا يعكس مدى اهتمامك وجديتك.
إذا أردنا أن نعيش وفقًا لمبدأ “اللي عايز يحب، ييجي بدري”، فعلينا أن نتبنى بعض العادات التي تعكس اهتمامنا الحقيقي:
1.كن موجودًا قبل أن يُطلب منك ذلك – سواء في علاقاتك أو في عملك، لا تنتظر حتى يُطلب منك الحضور أو المشاركة، كن دائمًا المبادر.
2.احترم وقت الآخرين – عندما تصل في الوقت المحدد، فأنت تقول لمن تنتظره: “أنا أقدّرك وأحترم وقتك”.
3.لا تؤجل التعبير عن مشاعرك – إذا كنت تحب شخصًا، أخبره اليوم، إذا كنت تحلم بشيء، ابدأ الآن.
4.استثمر في البدايات – أي علاقة أو مشروع ناجح يبدأ ببداية قوية ومبكرة، لا تستهِن بقيمة البداية لأنها تحدد المسار.
الحب ليس مجرد كلمات، بل هو فعل، والحضور المبكر هو أحد أصدق تجلياته. أن تأتي في الوقت المناسب، أن تعطي اهتمامك دون انتظار، أن تكون حاضرًا لمن تحب في الوقت الذي يحتاجك فيه، هذه هي الأفعال التي تصنع الفارق.
ففي النهاية، “اللي عايز يحب.. ييجي بدري” ليست مجرد عبارة، بل فلسفة حياة، تمنحنا فرصة لنكون أكثر حضورًا، أكثر اهتمامًا، وأكثر حبًا في كل ما نقوم به.