تكنولوجيا

اليوم العالمي للإنترنت الآمن 2025: نحو بيئة رقمية أكثر أمانًا واحترامًا

اليوم العالمي للإنترنت الآمن 2025: نحو بيئة رقمية أكثر أمانًا واحترامًا

كتب د. وائل بدوى

يحتفل العالم سنويًا في الثامن من فبراير باليوم العالمي للإنترنت الآمن، وهي مناسبة تهدف إلى توحيد الجهود العالمية لضمان بيئة رقمية أكثر أمانًا للجميع، خاصة للأطفال والمراهقين. هذا اليوم، الذي بدأ كمبادرة أوروبية في عام 2004، أصبح اليوم حدثًا عالميًا تشارك فيه المؤسسات الحكومية، والمنظمات غير الربحية، وشركات التكنولوجيا، والأفراد، من أجل تعزيز الوعي بالمخاطر الرقمية، والتشجيع على الاستخدام المسؤول للإنترنت.

أهمية اليوم العالمي للإنترنت الآمن

مع تسارع تطور الإنترنت والتكنولوجيا الرقمية، أصبحت المخاطر الإلكترونية أكثر تعقيدًا، ما يفرض تحديات جديدة تتطلب استراتيجيات حديثة للتصدي لها. ولم يعد الأمر مقتصرًا على تهديدات القرصنة والاختراق، بل بات يشمل قضايا أكثر تعقيدًا مثل التنمر الإلكتروني، والاحتيال الرقمي، وسرقة الهوية، واستغلال الأطفال عبر الإنترنت، والإدمان الرقمي، وتأثير المحتوى الضار على الصحة النفسية للمستخدمين.

وإدراكًا لهذه التحديات، تدعو منظمة اليونيسف والمؤسسات الشريكة إلى تعزيز الثقافة الرقمية بين الأطفال والمراهقين، وتشجيعهم على التحلي بالحذر واللطف عند التفاعل في الفضاءات الرقمية، بما في ذلك الألعاب الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي. كما تُطلق العديد من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز الوعي بالأمن السيبراني وحماية البيانات الشخصية من خلال أدوات تعليمية وموارد إلكترونية متاحة للجميع.

التنمر الإلكتروني: خطر يهدد المجتمعات الرقمية

يُعد التنمر الإلكتروني أحد أخطر التحديات التي تواجه مستخدمي الإنترنت، وخاصة الأطفال والمراهقين. وهو شكل من أشكال الإساءة التي تحدث عبر التقنيات الرقمية، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، وتطبيقات المراسلة، ومنصات الألعاب، والهواتف المحمولة. يمكن أن يتخذ التنمر الإلكتروني أشكالًا متعددة، مثل:

•المضايقات والإهانات المتكررة عبر الرسائل أو التعليقات.

•نشر الشائعات والمعلومات الكاذبة للإضرار بسمعة الآخرين.

•الابتزاز والتهديدات لنشر معلومات شخصية أو صور خاصة.

•انتحال الهوية وإنشاء حسابات مزيفة بغرض الإساءة.

وقد أظهرت العديد من الدراسات أن التنمر الإلكتروني يمكن أن يكون له تأثير نفسي شديد على الضحايا، بما في ذلك القلق والاكتئاب والعزلة الاجتماعية، مما يتطلب استراتيجيات فعالة للتعامل معه، سواء من قبل الأفراد أو المؤسسات التعليمية والتربوية.

دور الحكومات والمؤسسات في حماية الأفراد عبر الإنترنت

لمواجهة التحديات المتزايدة في الفضاء الرقمي، تلعب الحكومات والمؤسسات التقنية والمنظمات غير الحكومية دورًا رئيسيًا في ضمان بيئة أكثر أمانًا على الإنترنت. ومن بين الجهود التي يمكن اتخاذها:

1.سن القوانين والتشريعات الرقمية التي تجرم التنمر الإلكتروني، وتحمي البيانات الشخصية للمستخدمين.

2.إطلاق برامج توعوية في المدارس والجامعات لتعريف الأطفال والمراهقين بمخاطر الإنترنت، وكيفية التعامل معها بحكمة.

3.تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتطوير أدوات حماية متقدمة، مثل أنظمة مراقبة المحتوى وحلول الذكاء الاصطناعي التي تكتشف المحتوى الضار تلقائيًا.

4.تمكين أولياء الأمور والمعلمين من خلال تدريبهم على كيفية مساعدة الأطفال في التعامل مع المحتوى الرقمي بشكل آمن.

5.إطلاق حملات توعية مجتمعية تشجع على ثقافة الاحترام المتبادل والسلوك الإيجابي في الفضاء الرقمي.

دور المستخدمين في تحقيق إنترنت آمن

بجانب الجهود الحكومية والمؤسسية، يبقى للمستخدمين دور أساسي في جعل الإنترنت بيئة أكثر أمانًا ولطفًا. ومن أبرز النصائح لتحقيق ذلك:

•ممارسة الوعي الرقمي وعدم مشاركة المعلومات الشخصية مع الغرباء.

•الإبلاغ عن المحتوى الضار أو المسيء للمساعدة في الحد من انتشار التنمر الإلكتروني.

•التعامل بلطف واحترام مع الآخرين في التفاعلات الرقمية.

•تعزيز الخصوصية عبر ضبط إعدادات الأمان في منصات التواصل الاجتماعي.

•تقليل الاعتماد على الإنترنت والتوازن بين الحياة الرقمية والحياة الواقعية.

نحو إنترنت أكثر أمنًا في المستقبل

مع التطورات المستمرة في عالم التكنولوجيا، سيظل اليوم العالمي للإنترنت الآمن مناسبة سنوية مهمة لتعزيز الوعي بالمخاطر الرقمية والعمل على إيجاد حلول فعالة لضمان فضاء إلكتروني أكثر أمانًا للجميع. ومن الضروري أن تتضافر الجهود بين الأفراد، والمؤسسات، والحكومات لضمان بيئة رقمية تحترم خصوصية المستخدمين، وتحميهم من التهديدات المتزايدة.

الإنترنت الآمن في مصر: جهود وطنية لحماية المستخدمين

في مصر، تزايدت الجهود الحكومية والمجتمعية لتعزيز السلامة الرقمية وضمان بيئة إلكترونية آمنة، خاصة مع تزايد استخدام الإنترنت بين الأطفال والشباب. ومن بين المبادرات والجهود التي تتبناها الدولة:

1. القوانين والتشريعات لحماية المستخدمين

تعد مصر من الدول التي خطت خطوات كبيرة في مجال الأمن السيبراني، حيث تم إصدار قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية (قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018)، والذي يهدف إلى حماية بيانات المستخدمين ومعاقبة المتورطين في الجرائم الإلكترونية مثل الاحتيال الرقمي والتنمر الإلكتروني وانتهاك الخصوصية. كما تفرض اللائحة التنفيذية لحماية البيانات الشخصية مزيدًا من القيود على الشركات والمنصات الرقمية لضمان سرية معلومات الأفراد.

2. حملات توعوية لزيادة الوعي الرقمي

تقوم وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع المجلس القومي للطفولة والأمومة والجهات المعنية بإطلاق حملات توعوية تستهدف:

•تعليم الأطفال والمراهقين أساليب الحماية على الإنترنت.

•توعية أولياء الأمور والمعلمين حول كيفية التعامل مع المخاطر الرقمية.

•تعزيز ثقافة الاستخدام المسؤول للإنترنت في المدارس والجامعات.

3. دور المركز المصري للأمن السيبراني

يعمل المركز المصري للاستجابة للطوارئ المعلوماتية (EG-CERT) على تعزيز الأمن السيبراني في مصر من خلال رصد التهديدات الإلكترونية وتوفير إرشادات لحماية المستخدمين. كما يوفر المركز دورات تدريبية للشركات والأفراد لرفع مستوى الوعي الأمني والتعامل مع التحديات الرقمية.

4. مبادرات لحماية الأطفال والمراهقين من المخاطر الرقمية

إلى جانب التشريعات، تعمل مصر على إطلاق منصات رقمية آمنة للأطفال، وتشجيع استخدام تطبيقات وتكنولوجيا تساعد أولياء الأمور على مراقبة المحتوى الذي يتعرض له أبناؤهم. كما تسهم المؤسسات التعليمية ومنظمات المجتمع المدني في تقديم برامج تدريبية لتثقيف الأطفال حول التعامل الآمن مع الإنترنت.

التنمر الإلكتروني: خطر يهدد المجتمعات الرقمية

يُعد التنمر الإلكتروني أحد أخطر التحديات التي تواجه مستخدمي الإنترنت، وخاصة الأطفال والمراهقين. وهو شكل من أشكال الإساءة التي تحدث عبر التقنيات الرقمية، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، وتطبيقات المراسلة، ومنصات الألعاب، والهواتف المحمولة. يمكن أن يتخذ التنمر الإلكتروني أشكالًا متعددة، مثل:

•المضايقات والإهانات المتكررة عبر الرسائل أو التعليقات.

•نشر الشائعات والمعلومات الكاذبة للإضرار بسمعة الآخرين.

•الابتزاز والتهديدات لنشر معلومات شخصية أو صور خاصة.

•انتحال الهوية وإنشاء حسابات مزيفة بغرض الإساءة.

وقد أظهرت العديد من الدراسات أن التنمر الإلكتروني يمكن أن يكون له تأثير نفسي شديد على الضحايا، بما في ذلك القلق والاكتئاب والعزلة الاجتماعية، مما يتطلب استراتيجيات فعالة للتعامل معه، سواء من قبل الأفراد أو المؤسسات التعليمية والتربوية.

دور الحكومات والمؤسسات في حماية الأفراد عبر الإنترنت

لمواجهة التحديات المتزايدة في الفضاء الرقمي، تلعب الحكومات والمؤسسات التقنية والمنظمات غير الحكومية دورًا رئيسيًا في ضمان بيئة أكثر أمانًا على الإنترنت. ومن بين الجهود التي يمكن اتخاذها:

1.سن القوانين والتشريعات الرقمية التي تجرم التنمر الإلكتروني، وتحمي البيانات الشخصية للمستخدمين.

2.إطلاق برامج توعوية في المدارس والجامعات لتعريف الأطفال والمراهقين بمخاطر الإنترنت، وكيفية التعامل معها بحكمة.

3.تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتطوير أدوات حماية متقدمة، مثل أنظمة مراقبة المحتوى وحلول الذكاء الاصطناعي التي تكتشف المحتوى الضار تلقائيًا.

4.تمكين أولياء الأمور والمعلمين من خلال تدريبهم على كيفية مساعدة الأطفال في التعامل مع المحتوى الرقمي بشكل آمن.

5.إطلاق حملات توعية مجتمعية تشجع على ثقافة الاحترام المتبادل والسلوك الإيجابي في الفضاء الرقمي.

دور المستخدمين في تحقيق إنترنت آمن

بجانب الجهود الحكومية والمؤسسية، يبقى للمستخدمين دور أساسي في جعل الإنترنت بيئة أكثر أمانًا ولطفًا. ومن أبرز النصائح لتحقيق ذلك:

•ممارسة الوعي الرقمي وعدم مشاركة المعلومات الشخصية مع الغرباء.

•الإبلاغ عن المحتوى الضار أو المسيء للمساعدة في الحد من انتشار التنمر الإلكتروني.

•التعامل بلطف واحترام مع الآخرين في التفاعلات الرقمية.

•تعزيز الخصوصية عبر ضبط إعدادات الأمان في منصات التواصل الاجتماعي.

•تقليل الاعتماد على الإنترنت والتوازن بين الحياة الرقمية والحياة الواقعية.

نحو إنترنت أكثر أمنًا في المستقبل

مع التطورات المستمرة في عالم التكنولوجيا، سيظل اليوم العالمي للإنترنت الآمن مناسبة سنوية مهمة لتعزيز الوعي بالمخاطر الرقمية والعمل على إيجاد حلول فعالة لضمان فضاء إلكتروني أكثر أمانًا للجميع. ومن الضروري أن تتضافر الجهود بين الأفراد، والمؤسسات، والحكومات لضمان بيئة رقمية تحترم خصوصية المستخدمين، وتحميهم من التهديدات المتزايدة.

اليوم العالمي للإنترنت الآمن 2025: نحو بيئة رقمية أكثر أمانًا واحترامًا
اليوم العالمي للإنترنت الآمن 2025: نحو بيئة رقمية أكثر أمانًا واحترامًا

مصر نموذجًا رائدًا في تعزيز الأمن السيبراني

تواصل مصر جهودها لتعزيز الأمن الرقمي من خلال تطوير بنية تحتية قوية لحماية البيانات والمعلومات، والتعاون مع المنظمات الدولية لتعزيز السلامة الرقمية. كما أن إدراج مفاهيم الأمن السيبراني في المناهج الدراسية يمثل خطوة مهمة نحو بناء جيل رقمي واعٍ وقادر على مواجهة تحديات الإنترنت.

وفي النهاية، يبقى الإنترنت أداةً قويةً للتواصل والتعليم والترفيه، لكن استخدامه بطريقة مسؤولة وأخلاقية هو المفتاح للاستفادة منه دون التعرض للمخاطر. فإذا كان الإنترنت قد جمع العالم في فضاء واحد، فإن مسؤولية جعله آمنًا تقع على عاتق الجميع.

رأي المحرر:

اليوم العالمي للإنترنت الآمن 2025 ليس مجرد مناسبة رمزية، بل هو دعوة إلى إعادة التفكير في كيفية استخدامنا للفضاء الرقمي، خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه المستخدمين، لا سيما الأطفال والمراهقين. أصبح الإنترنت بيئة مزدوجة، تحمل في طياتها فوائد لا حصر لها من المعرفة والتواصل، لكنها في الوقت نفسه مليئة بالمخاطر مثل التنمر الإلكتروني، والاحتيال، والاختراقات، وانتهاك الخصوصية.

في مصر، تتزايد الجهود لتعزيز السلامة الرقمية، سواء من خلال القوانين والتشريعات مثل قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، أو عبر حملات التوعية التي تستهدف الأطفال وأولياء الأمور. لكن السؤال الأهم: هل تكفي هذه الجهود لضمان بيئة آمنة حقًا؟

الحقيقة أن الأمن الرقمي لا يعتمد فقط على الحكومات والشركات، بل هو مسؤولية جماعية تشمل الأفراد أيضًا. فالوعي بأساسيات الأمن السيبراني، والتفاعل بأخلاقيات رقمية سليمة، والإبلاغ عن أي محتوى مسيء، كلها أمور ضرورية لحماية المجتمع الرقمي من الانتهاكات.

إن مستقبل الإنترنت الآمن يبدأ من التعليم والتوعية، حيث يصبح الأفراد أكثر قدرة على التمييز بين المحتوى المفيد والضار، وأكثر وعيًا بحقوقهم ومسؤولياتهم الرقمية. لذا، فإن الاحتفال بهذا اليوم يجب ألا يكون مجرد حدث سنوي، بل محطة دائمة للتذكير بضرورة بناء ثقافة رقمية قائمة على الأمان، والمسؤولية، والاحترام.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى