تعليمآراء حرهتنمية بشرية

توسلات طالب للنجاح في ورقة الامتحان: بين الفكاهة والواقع المؤلم

توسلات طالب للنجاح في ورقة الامتحان: بين الفكاهة والواقع المؤلم

كتب د. وائل بدوى

في قاعة الامتحان، حيث يتصاعد التوتر ويزداد القلق، قد يجد الطالب نفسه في مواجهة ورقة امتحان تبدو وكأنها مستحيلة. وفي لحظة يأس، يلجأ بعض الطلاب إلى كتابة توسلات وأدعية، أو حتى رسائل عاطفية على الورقة، أملاً في أن تلين قلب المصحح أو تعطيه فرصة للنجاح. هذه الظاهرة، رغم طرافتها أحيانًا، تحمل في طياتها رسائل أعمق عن النظام التعليمي وضغوط الطلاب.

مشاهد مألوفة في أوراق الامتحانات

تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر صور لأوراق امتحان مليئة برسائل غريبة، تحمل توسلات ودعوات مثل:

•“لو سمحت، نجحني والله ما أعملها تاني.”

•“أنا أمي دعتلي، أرجوك خليني أنجح.”

•“الدرجة دي هي اللي هتحدد مستقبلي.”

بعض الطلاب يتجاوزون ذلك إلى كتابة أدعية طويلة، أو محاولة استمالة المصحح بجمل مثل:

•“يا أستاذ، أنت أحن قلب، أرجوك سامحني!”

•“لو نجحتني، ربنا يكرمك ويدخلك الجنة.”

ما وراء التوسلات؟

رغم الفكاهة التي تثيرها هذه المشاهد، إلا أن هذه الظاهرة تسلط الضوء على مشاكل أعمق:

1. الضغط النفسي على الطلاب

النظام التعليمي في بعض البلدان يضع ضغطًا كبيرًا على الطلاب، حيث تُختزل حياتهم المستقبلية في نتائج الامتحانات. هذا الضغط يجعل الطلاب يشعرون بأن الفشل في مادة واحدة يعني فشلًا في الحياة بأكملها.

2. غياب التحضير الجيد

بعض الطلاب يلجأون لهذه الأساليب لأنهم لم يستعدوا جيدًا للامتحان، سواء بسبب الإهمال أو قلة الموارد.

3. محاولة استغلال التعاطف

الطالب يعلم أن المصحح هو إنسان يمكن أن يتأثر بالعواطف. لذا يحاول استغلال هذا الجانب لكسب فرصة إضافية.

كيف يتعامل المصححون مع هذه الظاهرة؟

المصححون عادةً ما يجدون أنفسهم أمام مواقف صعبة. البعض قد يتأثر بهذه الرسائل، خاصة إذا كان النص مليئًا بالدعوات والتوسلات. بينما آخرون يعتبرون هذه الظاهرة دليلًا على الإهمال وعدم احترام العملية التعليمية.

ردود أفعال المصححين:

1.المتعاطف:

•قد يضيف درجة أو درجتين إذا كانت الإجابة قريبة من الصواب، بدافع الرحمة.

2.المتجاهل:

•يرفض التأثر بهذه التوسلات ويركز على التقييم الأكاديمي فقط.

3.الغاضب:

•يرى في هذه التوسلات استهانة بالنظام التعليمي ويكتب تعليقات صارمة مثل:

•“الامتحان ليس مكانًا للدعاء!”

•“استعد بشكل أفضل في المرة القادمة.”

رسالة إلى الطلاب

بدلاً من كتابة التوسلات في ورقة الامتحان، يمكن للطالب أن:

1.يستعد جيدًا:

•تنظيم الوقت والاستعداد المسبق يقللان من الحاجة إلى هذه الأساليب.

2.يطلب المساعدة مسبقًا:

•إذا كان يواجه صعوبات، يمكنه التحدث مع المعلم للحصول على توجيه إضافي.

3.يتعلم من الأخطاء:

•الفشل ليس نهاية العالم، بل فرصة للتعلم وتحسين الأداء في المستقبل.

ظاهرة تستحق التأمل

رغم أن توسلات الطلاب في ورقة الامتحان قد تبدو للبعض مجرد مواقف فكاهية تُثير الضحك، إلا أنها تُعتبر مرآة تُظهر واقعًا معقدًا يتطلب التأمل والمعالجة. فالنظام التعليمي ليس مجرد أوراق امتحانات ودرجات، بل هو عملية متكاملة تهدف إلى بناء إنسان قادر على مواجهة الحياة بثقة ومهارات حقيقية.

ما الذي يمكن أن نتعلمه من هذه الظاهرة؟

1. أهمية الدعم النفسي للطلاب

•يجب أن يُقدم النظام التعليمي دعمًا نفسيًا للطلاب، خاصة أثناء فترات الامتحانات، لتخفيف حدة التوتر والقلق.

•يمكن إدخال جلسات توعية أو ورش عمل تركز على إدارة الضغوط النفسية وتنمية الثقة بالنفس.

2. تعزيز مهارات التخطيط والتنظيم

•الكثير من الطلاب يلجأون إلى هذه التوسلات لأنهم فشلوا في إدارة وقتهم بشكل صحيح.

•يجب أن تُدرَّس مهارات التخطيط والتنظيم كجزء من المناهج الدراسية لمساعدة الطلاب على الاستعداد المسبق.

3. إعادة النظر في فلسفة الامتحانات

•نظام الامتحانات الحالي غالبًا ما يركز على الحفظ أكثر من الفهم.

•يمكن تعديل أنماط التقييم لتشمل أساليب مختلفة مثل المشاريع العملية أو الامتحانات المفتوحة التي تختبر التفكير النقدي بدلًا من الحفظ الصرف.

4. التوعية بأهمية الفشل

•يحتاج الطلاب إلى فهم أن الفشل ليس نهاية العالم، بل هو جزء طبيعي من عملية التعلم.

•يمكن للمعلمين والآباء توجيه الطلاب للتعامل مع الإخفاق كفرصة لتحسين الأداء بدلاً من الشعور باليأس.

قصص واقعية تُلهم

هناك العديد من القصص التي تُظهر كيف أن بعض الطلاب الذين فشلوا في البداية تمكنوا من تحقيق نجاحات كبيرة لاحقًا. على سبيل المثال:

•طالب كافح مع مادة الرياضيات في المدرسة لكنه أصبح عالم بيانات ناجحًا بعد تعلم مهارات جديدة.

•طالبة كانت تعاني في مواد العلوم لكنها وجدت شغفها في الأدب وأصبحت كاتبة مشهورة.

هذه القصص تُظهر أن الامتحانات ليست نهاية الطريق، بل هي محطة يمكن تجاوزها بشغف وإصرار.

رسالة إلى المعلمين والمربين

على المعلمين والمربين أن يكونوا أكثر تفهمًا لاحتياجات الطلاب النفسية والعاطفية.

•استمعوا إلى الطلاب وشجعوهم على التعبير عن مشاعرهم.

•كونوا قدوة إيجابية تلهم الطلاب للسعي نحو الأفضل.

•اجعلوا من الفصل الدراسي مكانًا يُشجع على التعلم بدلاً من أن يكون مصدرًا للخوف.

رسالة إلى الطلاب

عزيزي الطالب، النجاح الحقيقي ليس في الدرجة التي تحصل عليها فقط، بل في رحلتك نحو التعلم وتطوير ذاتك.

•اعمل بجد، واستعد بشكل جيد، لكن لا تخجل من الفشل إذا حدث.

•تذكر دائمًا أن لديك فرصة جديدة مع كل يوم جديد، والأهم هو أن تستمر في المحاولة.

توسلات الطلاب في ورقة الامتحان تعكس جوانب إنسانية يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار. وبينما نضحك على بعض المواقف الطريفة، علينا أن نتذكر أن وراءها قلوبًا تحتاج إلى التفهم والدعم.

“التعليم ليس فقط عن النجاح في الامتحانات، بل هو بناء عقل يفكر وقلب يتحمل روح تحاول.”

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى