خبير آثار.. لايوجد حرمة في إستخراج المومياوات وعرضها
خبير آثار.. لايوجد حرمة في إستخراج المومياوات وعرضها

كتبت: رباب حرش
أشار الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف إلى أن استخراج مومياوات الفراعنة وعرضها «حرام»، موضحًا أنه لا يجوز عرض الجسد الأدمي بعد الموت من أجل الفرجة عليها، وأن استخراج جثامين أجدادنا الفراعنة وعرضها في فاترينات حرام
ويرد على هذا خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية بأن الإسلام دعا إلى الرجوع إلى الآثار والنظر إليها للاعتبار والعظة ورأى في الآثار السابقة الدليل المادي الملموس على وجود قوم آخرين للتعرف على حياتهم وحضارتهم ودراسة أسباب ازدهارها أو هلاكها، وبضياع هذه الآثار بأي شكل من الأشكال هو ضياع وفقدان لحضارة معينة ودعا الإسلام للرجوع إليها والنظر إليها للاعتبار والعظة
وأوضح الدكتور ريحان أن الآية الكريمة رقم 45 في سورة الحج «فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ» تؤكد على أهمية آثار الحضارات السابقة على الإسلام وأنه من معالم هذه الحضارة في الآية السابقة البئر المعطلة، وهي البئر المهملة المرتبطة بقوم كانوا يستعملونها وبفقدانهم فقدت البئر أهميتها ونضب ماؤها وتعطلت، أما القصر المشيد فهو كل بناء مشيد من أي مادة سواء من الحجر أو الطوب وتعنى كل الآثار السابقة.
ونوه الدكتور ريحان إلى رفات السلالات البشرية بأنها ضمن الآثار طبقًا لمفهوم الآثار كما جاء في التعريف الوارد في قانون حماية الآثار المصرى رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته «الأثر كل عقار أو منقول أنتجته الحضارات المختلفة أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان منذ عصور ما قبل التاريخ وخلال العصور التاريخية المتعاقبة حتى ما قبل مائة عام متى وجد على أرض مصر وكانت له قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية باعتباره مظهراً من مظاهر الحضارات المختلفة التي أنتجت أو قامت على أرض مصر أو كانت لها صلة تاريخية بها وكذلك رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها»
ولفت الدكتور ريحان إلى الآية رقم 92 في سورة يونس «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ»، والتى أبهرت علماء الآثار في الغرب، فهى تشير إلى أن جثمان فرعون موسى بعد غرقه طفت على سطح البحر ليراها الجميع ليكون عبرة لمن خلفه إلى يوم القيامة والمقصود بمن خلفه في وقت الحدث هم بنو إسرائيل ليؤمنوا بالمعجزة ومن خلفه من ملوك مصر القديمة ليتعظوا مما حدث له ومن خلفه من الناس أجمعين المقصودة في الآية الكريمة «وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ».
وتساءل الدكتور ريحان «كيف يكون عظة للناس من بعده إذ لم يشاهده الناس؟ وقد أخذ المصريون القدماء جثته وقاموا بتحنيطها طبقًا للمعتقد المصرى البعث والخلود وعثر عليها في الاكتشافات الأثرية». وخلص من ذلك أن مومياء فرعون موسى الغير معروف شخصيته حتى الآن تقع بين المومياوات الملكية المعروضة بمتحف الحضارة حاليًا ويراها الناس جميعًا وينعكس ذلك على باقى المومياوات بالطبع فلا مانع من عرضها خاصة أنه لا يوجد دليل أثرى واحد حتى الآن عن شخصية فرعون الخروج.
وتابع الدكتور ريحان أن تحنيط الجثامين يغير من صفات الجثامين نفسها وحتى لغويًا يتغير اسمها إلى مومياء ولو تعرضت لعوامل التعرية ستتحلل فورًا لذلك تخضع لنظم خاصة وضعت على أسس علمية وبهذا فهو تكريم وليس إهانة لصاحبها، كما أن هذه المومياوات تخضع للدراسة بالفعل من أساتذة متخصصين لمعرفة السلوك البشرى والأمراض التي تعرضوا لها ووسائل العلاج والكثير من المعلومات عن هذه الحضارة وبالتالى فإن استخراج المومياوات وعرضها يخضع للإشراف والدراسات العلمية وليس الهدف هو حصد الدولارات حتى أن هذا النوع من السياحة يطلق عليه السياحة الثقافية للتعرف على حضارات الشعوب وليس من قبيل الترفيه والداخل إلى حجرة المومياوات يصمت تمامًا احترامًا لهذا المكان ومن الطبيعى أن يدفع الزائر مقابل لهذه الخدمة.
وأوضح أن هؤلاء السياح يقطعون آلاف الكيلو مترات للتعرف على حضارتنا العظيمة وليس للفرجة على بهلوانات، والدين الإسلامى دعى إلى السير في الكون للتعرف على حضارات السابقين وهو ما يجب أن يحرص عليه العرب والمسلمون أيضًا طبقًا للآية 21 سورة غافر «أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ».
واختتم الدكتور ريحان بأن الدكتور أحمد كريمة نفسه يؤكد في تصريحه “إذا كان التنقيب عن الآثار من طرف الدولة وأجهزتها المعنية لأمور علمية لا بأس، أما إذا كان التنقيب عن الآثار من أفراد الشعب أو العصابات فلا يجوز استخراج جثث ومومياوات الفراعنة” ونحن نطمئنه ونطمئن كل المصريين بأن التنقيب واستخراج الآثار ومن ضمنها المومياوات يتم عن طريق البعثات المصرية بالمجلس الأعلى للآثار والأجنبية التابعة لجهات علمية معروفة تحت إشراف المجلس الأعلى للآثار وبشكل علمى، أما التنقيب خلسة فيتم بشكل غير شرعى مخالف لتعاليم الدين ولقانون حماية الآثار بهدف تهريب الآثار وتتعقبه أجهزة الدولة المختلفة
من الجدير بالذكر أن دار الإفتاء المصرية أصدرت فتوى في هذا الشأن في فبراير 2021 جاء فيها “لا مانع شرعًا من قيام الهيئات المختصة بدراسة الآثار عن طريق إخراج المومياوات القديمة، وعرضها في المتاحف، مع الاحتياط التام في التعامل معها مما لا يُخِلُّ بحقوق الموتى في التكريم، وهو ما تقوم به الجهات المختصة في المتاحف وغيرها”