زيارة رئيس الوزراء لمدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة: دعم المواهب وتعزيز الابتكار في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا
زيارة رئيس الوزراء لمدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة: دعم المواهب وتعزيز الابتكار في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا
كتب د. وائل بدوى
في إطار الجهود المستمرة لتعزيز التحول الرقمي وتنمية الكوادر البشرية في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، قام الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم، بزيارة تفقدية لمدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة، حيث التقى بعدد من خريجي مبادرات أجيال مصر الرقمية ومدارس WE للتكنولوجيا التطبيقية، وذلك بحضور الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
تمكين الأجيال الرقمية من خلال مبادرات متكاملة
استهل رئيس الوزراء زيارته بالاستماع إلى تجارب الطلبة والخريجين من مبادرات “أجيال مصر الرقمية”، التي أطلقتها وزارة الاتصالات لتوفير فرص تعليمية متطورة ومجانية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، علوم البيانات، الأمن السيبراني، والنظم المدمجة. وقد أشار الدكتور عمرو طلعت إلى أن المبادرة تستهدف جميع الفئات العمرية، بدءًا من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعية، بهدف إعداد جيل قادر على التكيف مع متطلبات الاقتصاد الرقمي وسوق العمل العالمي.
ومن بين التجارب التي استعرضها مدبولي كانت قصة إحدى الأسر المصرية التي استفادت من هذه المبادرات على مستوى كافة أفرادها؛ حيث التحقت الأم ببرنامج التسويق الرقمي ضمن مبادرة “رواد مصر الرقمية”، مما ساعدها على تعزيز أعمالها التجارية، في حين انضم أبناؤها إلى مبادرتي “براعم مصر الرقمية” و”أشبال مصر الرقمية”، مما ساهم في تطوير مهاراتهم التقنية منذ الصغر.
كما استعرض عدد من خريجي المبادرات تجاربهم في الحصول على فرص عمل دولية عن بُعد في مجالات مثل تحليل البيانات والبرمجة، مما يعكس مدى نجاح هذه البرامج في ربط المتدربين بسوق العمل العالمي. وأشار أحد خريجي “أشبال مصر الرقمية” إلى حصوله على منحة للسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية بسبب تميزه في المبادرة، مما يعكس الفرص الفريدة التي توفرها هذه البرامج للشباب الموهوبين.
مدارس WE للتكنولوجيا التطبيقية: نموذج ناجح للتعليم التقني
ضمن جولته، التقى رئيس الوزراء أيضًا بعدد من خريجي مدارس WE للتكنولوجيا التطبيقية، التي تم إطلاقها بالشراكة بين الشركة المصرية للاتصالات “WE” ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم. وتوفر هذه المدارس منهجًا دراسيًا يجمع بين التعليم الأكاديمي والتدريب العملي، حيث يحصل الخريجون على شهادات معتمدة دوليًا من Pearson، إلى جانب شهادات مهنية متخصصة، مما يعزز فرصهم في العمل في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا.
واستعرض الخريجون ما اكتسبوه خلال دراستهم، حيث تم إعدادهم وفق أحدث التوجهات في سوق العمل، مما مكن بعضهم من الالتحاق بكبرى الشركات العالمية، بينما تمكن آخرون من تأسيس شركاتهم الناشئة أو العمل كمدربين في مجالات البرمجة والتكنولوجيا.
مدينة المعرفة: مركز للابتكار وريادة الأعمال
واصل رئيس الوزراء زيارته إلى مركز “إمحوتب للإبداع والتطوير”، الذي يُعد نظامًا متكاملًا لتنمية شركات الإلكترونيات وتحفيز الابتكار. ويحتوي المركز على معامل متخصصة في التصميم الإلكتروني والتشبيك بين الشركات المحلية والعالمية، مما يتيح نقل المعرفة وتطوير حلول تقنية متقدمة.
وخلال العرض الذي قدمه المهندس أحمد الظاهر، الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا)، تم تسليط الضوء على استراتيجية “مصر تصنع الإلكترونيات”، التي تهدف إلى توطين صناعة الإلكترونيات، مع التركيز على تصنيع الهواتف المحمولة وأجهزة الاتصالات، إضافة إلى تعزيز قطاع تصميم الدوائر الإلكترونية والأنظمة المدمجة.
وأشار الظاهر إلى أن هذه الاستراتيجية ساهمت في جذب كبرى شركات التكنولوجيا العالمية للاستثمار في مصر، مما أدى إلى زيادة عدد الشركات المتخصصة في تصميم الإلكترونيات من 34 شركة في عام 2016 إلى أكثر من 80 شركة بحلول عام 2024، تضم 20 شركة عالمية و60 شركة محلية، مما يعكس نجاح الجهود المبذولة في هذا القطاع الحيوي.
دعم الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مصر
كما زار الدكتور مصطفى مدبولي مركز الابتكار التطبيقي، حيث استعرض الدكتور أحمد طنطاوي المشروعات القائمة على استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل الصور الطبية، معالجة اللغات الطبيعية، وتطوير حلول تقنية تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي. وتهدف هذه المبادرات إلى تطوير تطبيقات ذات جدوى اقتصادية واجتماعية واسعة النطاق.
وفي ذات السياق، تفقد رئيس الوزراء مركز إبداع الجيل الصناعي الرابع لشركة “سيمنز”، والذي يعد نموذجًا تعليميًا متطورًا لنقل تقنيات الثورة الصناعية الرابعة إلى القطاع الصناعي المصري. ويعمل المركز على تدريب الكوادر المصرية في مجالات التشغيل الآلي والتحول الرقمي للصناعة، مما يعزز من تنافسية القطاع الصناعي المصري على المستوى العالمي.
الأكاديمية الوطنية لتكنولوجيا المعلومات للأشخاص ذوي الإعاقة
استكمل رئيس الوزراء زيارته إلى الأكاديمية الوطنية لتكنولوجيا المعلومات للأشخاص ذوي الإعاقة (NAID)، والتي تعد مركزًا للتميز في تطوير التقنيات المساعدة لدمج ذوي الإعاقة في المجتمع الرقمي. واستعرض رئيس الأكاديمية، الدكتور عبد المنعم الشرقاوي، الجهود المبذولة في تصميم وتطوير الأدوات التكنولوجية المساعدة، بما في ذلك الروبوتات الذكية، والطباعة ثلاثية الأبعاد، ومعامل الواقع الافتراضي.
كما استمع رئيس الوزراء إلى عرض لمشروعات ناشئة طورتها الأكاديمية، من بينها كرسي متحرك ذاتي القيادة يعتمد على الذكاء الاصطناعي، وتطبيق لترجمة النصوص المكتوبة إلى لغة الإشارة، مما يسهم في تسهيل حياة ذوي الإعاقة وتحقيق دمجهم الرقمي.
جامعة مصر للمعلوماتية: قاطرة التعليم المتخصص في التكنولوجيا
وفي مستهل جولته، تفقد رئيس الوزراء جامعة مصر للمعلوماتية، التي تُعد أول جامعة متخصصة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في أفريقيا. وخلال الزيارة، استعرض رئيس الجامعة الإنجازات الأكاديمية والشراكات الدولية التي عقدتها الجامعة مع مؤسسات تعليمية عالمية مثل جامعة “بردو” و”مينيسوتا” الأمريكيتين وجامعة “أوتاوا” الكندية، والتي تتيح للطلاب فرصة الدراسة في الخارج والحصول على شهادات مزدوجة.
كما تفقد رئيس الوزراء معامل الجامعة المتخصصة، مثل معمل الذكاء الاصطناعي والروبوتات، ومعمل الميكاترونيات، ومعمل تصميم الألعاب الرقمية، حيث استعرض الطلاب مشروعاتهم الابتكارية التي تشمل حلولًا تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات وإنترنت الأشياء.
ختام الزيارة: إشادة برؤية مصر الرقمية
في ختام جولته بمدينة المعرفة، عبر الدكتور مصطفى مدبولي عن إعجابه بالمستوى المتقدم للبنية التحتية التعليمية والتكنولوجية التي شهدها، مشيدًا بدور الدولة في دعم الابتكار وريادة الأعمال الرقمية. وأكد على أهمية استمرار هذه الجهود لدعم الشباب المصري، ودعاهم إلى الاستفادة من الفرص المتاحة في مجالات التكنولوجيا الحديثة.
كما أكد أن مدينة المعرفة تمثل خطوة محورية في تحقيق رؤية مصر للتحول الرقمي، حيث توفر بيئة متكاملة تجمع بين التعليم، البحث العلمي، والتطبيقات التكنولوجية، مما يجعلها نموذجًا رائدًا لمجتمعات المعرفة المستقبلية.
بهذه الزيارة، تجسد مصر التزامها ببناء مجتمع رقمي متكامل، يعزز الابتكار، ويدعم التنمية المستدامة، ويضع الشباب المصري في مقدمة التحول الرقمي العالمي.
كلمة المحرر
في عالم يتغير بسرعة نحو الرقمنة والتحول التكنولوجي، تأتي زيارة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي إلى مدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة، لتعكس رؤية مصر الطموحة في بناء مجتمع رقمي حديث يعتمد على الابتكار والمعرفة. هذه الزيارة لم تكن مجرد جولة تفقدية، بل كانت شهادة حية على التحولات العميقة التي يشهدها قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر، والدور المحوري الذي تلعبه المبادرات التعليمية والتكنولوجية في تمكين الشباب وتأهيلهم لسوق العمل العالمي.
لقد جسدت اللقاءات مع خريجي مبادرات أجيال مصر الرقمية ومدارس WE للتكنولوجيا التطبيقية قصة نجاح حقيقية، حيث وفرت هذه البرامج فرصًا غير مسبوقة للطلاب والشباب، من خلال تمكينهم من أحدث المهارات الرقمية، وربطهم بفرص العمل في كبرى الشركات العالمية. كما عكست زيارة مركز إمحوتب للإبداع والتطوير ومركز الابتكار التطبيقي مدى التقدم الذي أحرزته مصر في مجال تصميم الإلكترونيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، مما يعزز مكانتها كمركز إقليمي في مجال التكنولوجيا المتقدمة.
ولا يمكن إغفال الدور الذي تلعبه جامعة مصر للمعلوماتية، باعتبارها أول جامعة متخصصة في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في أفريقيا، حيث توفر بيئة أكاديمية متكاملة تدعم الابتكار والبحث العلمي، وتعقد شراكات عالمية تتيح للطلاب المصريين فرصًا غير محدودة في مجالات الذكاء الاصطناعي، علوم البيانات، وأمن المعلومات.
إن هذه الزيارة تؤكد أن مصر لم تعد مجرد مستهلك للتكنولوجيا، بل أصبحت لاعبًا رئيسيًا في صناعتها وتطويرها، من خلال الاستثمار في العقول الشابة، ودعم الشركات الناشئة، وتهيئة بيئة محفزة للبحث والتطوير. وهذا يعكس رؤية القيادة السياسية في بناء اقتصاد رقمي قوي ومستدام، قادر على المنافسة عالميًا.
ختامًا،مصر الرقمية لم تعد حلمًا، بل أصبحت واقعًا ملموسًا يُصنع بأيدي أبنائها، لتكون مركزًا للابتكار والتكنولوجيا في الشرق الأوسط وأفريقيا.
