مصر.. منصة إقليمية لصناعة أشباه الموصلات
كتب د. وائل بدوى
في قلب المتحف المصري الكبير، حيث يلتقي التاريخ بالتكنولوجيا، شهدت القاهرة حدثًا غير مسبوق: قمة التحالف العالمي لأشباه الموصلات (GSA) لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. أكثر من 100 شركة عالمية ومحلية اجتمعت لمناقشة مستقبل هذه الصناعة الحيوية التي تقود ثورة الذكاء الاصطناعي والحوسبة المتقدمة. وبينما كان الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، يتحدث عن رؤية مصر الطموحة في هذا القطاع، كانت كلمات جودي شيلتون، الرئيس التنفيذي للتحالف، تعكس الأهمية المتزايدة للمنطقة قائلة: “مصر ليست مجرد سوق واعد، بل قوة صاعدة في عالم أشباه الموصلات.”
منذ عام 2023، شهدت مصر طفرة استثنائية في مجال تصميم الإلكترونيات، حيث زاد عدد مراكز التصميم الإلكتروني بنسبة 45%، وأصبحت أكثر من 80 شركة تصدّر خدمات تكنولوجية عالية القيمة للأسواق العالمية. هذه القفزة ليست وليدة الصدفة، بل نتيجة لاستراتيجية مدروسة تركز على ثلاث ركائز رئيسية: الابتكار، التوسع، وبناء بيئة تقنية متكاملة. كما أن المهندس أحمد الظاهر، الرئيس التنفيذي لهيئة “إيتيدا”، أكد أن مصر اليوم تملك بنية تحتية رقمية هي الأكثر نضجًا في المنطقة، مع قدرة تنافسية عالية تجعلها مركزًا لجذب الشركات العالمية.
لكن الحدث لم يكن مجرد لقاءات رسمية، بل منصة عملية لتشكيل مستقبل الصناعة في المنطقة. فمع وجود شركات مثل TSMC، STMicroelectronics، MediaTek، Qualcomm وغيرها، كانت طاولة المفاوضات مليئة بالنقاشات حول استثمارات جديدة، شراكات استراتيجية، وتوسيع نطاق البحث والتطوير في مصر.
مصر لم تكتفِ بتوفير بيئة جاذبة للاستثمارات، بل عملت على تأسيس قاعدة علمية قوية، من خلال جامعة مصر للمعلوماتية ومراكز التدريب التقني التي تستهدف 500 ألف متدرب سنويًا، لضمان أن الصناعة لا تعتمد فقط على رؤوس الأموال، بل على العقول الشابة المبدعة.
إن ما يحدث اليوم ليس مجرد خطوات منفصلة، بل تحول استراتيجي يضع مصر في قلب مشهد صناعة أشباه الموصلات العالمية. وكما قالت جودي شيلتون: “المستقبل هنا، في هذه المنطقة، حيث المواهب والفرص تلتقي لتشكيل مشهد جديد للتكنولوجيا العالمية.”
تعليق المحرر
ما شهدته مصر في قمة GSA هو تأكيد على أن المنطقة ليست فقط مستهلكًا للتكنولوجيا، بل أصبحت لاعبًا رئيسيًا في صناعتها. الاستثمار في العقول والبنية التحتية هو المفتاح لجعل مصر محورًا عالميًا في هذا القطاع. السؤال الأهم الآن: كيف ستستثمر الشركات العالمية هذا الزخم لتوسيع نطاق وجودها في المنطقة؟
