معضلة التحكيم ..وإصلاح منظومة الكرة !!
بقلم : د. خالد محسن
نكأت الأحداث الأخيرة ومستجدات الكرة المصرية هموم وجراحات وعيوب المنظومة الكروية في أرض الكنانة، بعد تراجع مردودها وحصادها علي غالبية المنتخبات الوطنية وأمست تقدم رجلا وتؤخر أخري..
وعاد الحديث من جديد بضرورة تقييم وتقويم بطولات الدوري الممتاز بمختلف أقسامها، شكلا وموضوعا والعودة إلي نقطة الانطلاق من أول السطر بهدف تصحيح المسار أولا بأول.
والحديث في الوسط الرياضي المصري إلا عن سقطات وأخطاء حكام كرة القدم في المباريات الأخيرة وخاصة في مباراة الأهلي والاسماعيلي قبل أيام.
كما تزايدت المخاوف من حدوث تجاوزات جديده خلال لقاء القمة المرتقبة بين قطبي الكرة الأهلي والزمالك ،وأيضا خلال اللقاءات المتبقية من عمر الدوري وخاصة في مباريات الفرق المعرضة للهبوط ومن بينهم بعض الفرق الجماهيرية العريقة ،ومنها فرق الاسماعيلي والمحلة واسوان.
والحق يقال أن الاعتراف بوجود أخطاء تحكيمية فادحة هو السبيل لتصحيح الاعوجاج ،وتدارك الخلل
وفقا لقواعد العدالة والشفافية والتي تعطي كل ذي حق حقه ،كما تضمن تجنب الشحن الجماهيري ،والاحتقان والتعصب الممقوت.
كما تحقق أهداف الرياضة النبيلة وفي طليعتها تعزيز الروح الرياضية ،والنهوض بالكرة المصرية وبالرياضة بوجه عام وإعداد كوادر قادرة على المنافسة في كافة المحافل الدولية ،والتي شهدت تراجعا نسبيا على مستوي الشباب والكبار باستثناء الفريق الأولمبي ،والذي حقق نتائج جيدة خلال البطولتين الأخيرتين في مصر 2019،والمغرب2023.
وبعيدا عن فكرة التبرير ،والتماس الأعذار والدفاع بلا مبرر عن معظم الخطايا ، بحجة أنه لا تحكيم بلا أخطاء ، فإن معضلة التحكيم في مصر لها صور وأبعاد متعددة تتطلب وقفات حازمة قبل فوات الأوان.
كما تعالت أصوات عديدة بإعادة تقييم إدارة منظومة التحكيم بعد تراجع الثقة واهتزاز سمعة الحكام المصريين محليا ودوليا ،مع الأخطاء المتكررة علي مستوي حكام الساحة و “الڤار”، وترشيح حكام بعينهم لإدارة مباريات لفرق معينة !.
وأتصور ضرورة تقييم تجربة الخبير الأجنبي غير المجدية الذي يتولى رئاسة لجنة الحكام ،ولا يشعر الكثيرون بدوره وبصماته في تصحيح أحوال التحكيم المصري والتي تراجعت خلال السنوات الأخيرة بصورة مستفزة ومقلقة!.
ويجب أن ندرك حجم وتداعيات التأثير السلبي لهذه الظاهرة ،وما تسببه هذا الأخطاء من مشاحنات و تراشقات وملاسنات بين الجماهير ،كان من الممكن تجنبها لو أقمنا معايير العدل والانصاف علي الجميع تجنبا لمزيد من الشحن السلبي والاحتقان والتعصب الأعمى.
كما يجب الانتباه للتأثير السلبي لمنصات وشبكات التواصل الاجتماعي ،وبعض القنوات والمنصات الرياضية المغرضة، وحجم الضغوط الجماهيرية ،التي جعلت الكثير من الحكام يترددون كثيرا في حسم الرؤي والحالات التحكيمية.
ولعل ما حدث في إعادة هدف الاسماعيلي “الملغي” في مرمي الاهلي في المباراة الاخيرة ،حين حجب حكام ال Var زوايا الكرة لتضليل حكم الساحة في سابقة لا مثيل لها ،حتي أن مخرج المباراة بالتليفزيون أعاد لقطة الهدف لمحمد حسن لاعب الدراويش من زوايا مختلفة لكن “الڤار” أصر على عرض زاوية واحدة فكان قرار حكم الساحة بإلغاء الهدف.. ولم يكلف نفسه طلب عدة زوايا لإقرار الحكم العادل ،وربما تتسبب ضياع هذه النقطة مع تجاهل احتساب ضربة جزاء للإسماعيلي – أو مجرد اختبارها عبر هذه التقنية “الموجهة”- في سقوط الدراويش لغياهب الممتاز “ب” وخسارة أحد أعمدة ودعائم الدوري المصري ،ومصنع مواهب المنتخبات الوطنية وأكبر الأندية شهرة وبطولات بعد الكبيرين الأهلي والزمالك.
علي الجانب الآخر يجب دعم الأندية الجماهيرية أولي ضحايا الأخطاء ،فالدوري المختلط بصورته الحالية أفقد المنافسة عنصر الجماهيرية وأعطي الأندية الاستثمارية نصيبا غير محسوب العواقب..
وبعد أن طالت تهديدات شبح الهبوط ما يقرب من 50% من الأندية الجماهيرية المشاركة في البطولة، تضاعفت التوجسات من تحول الدوري العام إلي دوري للشركات ، مع الأهلي والزمالك “مطعما” ببعض فرق المحافظات!
ولا أدري سببا مفهوما لعدم اتخاذ لجنة الحكم قرارات لضبط الأداء وإطلاع الشارع الكروي عليها أو قرارات تصحيحية بإعادة لعب المباريات التي يكثر حولها اللغط ،حفاظا علي كيان الدوري المصري ، وتحقيقا للعدالة المفقودة ،طالما أن هناك لوائح تسمح بذلك ، مع توقيع عقوبات قاسية علي بعض الحكام ،أما فكرة ليس في الإمكان أبدع مما كان ،أو الصمت ،فإنها تسكب الزيت علي نيران التعصب، ولا تحرك ساكنا أو تسكن متحركا.
أتصور أن منظومة الحكام تتطلب إعادة هيكلة، وعقد دورات تدريبية خاصة محليا ودوليا ،والاستفادة من تجارب دول عديدة لها الريادة في إدارة شؤون الكرة والتحكيم.
والخلاصة أن أمراض الكرة المصرية في حاجة لتحديد الداء وتجرع الدواء ولو كان مرا !.