هل الاحزاب السياسية قادرة علي النهوض بالمجتمع ؟
بقلم : د. احمد ممدوح
ان للاحزاب السياسية دورا كبيرا في النهوض بالمجتمعات، حيث تنص كل لوائح الاحزاب السياسية، علي ان لهم دورا في النهوض بالمجتمع والدولة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، ولكن ذلك حبرا علي ورق، مما جعل المواطن المصري يعزف عن الانضمام للاحزاب السياسية، وفي محاولات مستميتة من بعض الاحزاب لجذب المواطن المصري للانضمام للاحزاب والمشاركة في الحياة السياسية بدأت بعض الأحزاب المصرية خلال الفترة الأخيرة فى الاهتمام بالدور المجتمعى الذى كنا نفتقده خلال التجارب الحزبية السابقة.
فقد ظهرت عدة تجارب حزبية فى مصر ارتبط كل منها بظروف المجتمع وقتئذ، وجمعت بينها بعض السمات، وشهدت سبعينيات القرن التاسع عشر ــ عقب إنشاء مجلس شورى القوانين ــ أول حزب مصرى هو الحزب الوطنى العرابى الذى كان نتاج أفكار الزعيم أحمد عرابى مع زملائه من رجال الجيش المصرى وبعض علماء الأمة، الذين قاموا بوضع لائحة تتضمن الأفكار التى توافقوا عليها، ونشر أحمد عرابى فى مذكراته مقتطفات من هذه اللائحة الطويلة، وجاء الاحتلال البريطانى ليدمر هذا الحزب ويعيد صياغة جميع الأوضاع بمصر فى إطار حماية مصالحه الخاصة.
ومع تصاعد الاهتمام بالقضية الوطنية جاءت التجربة الحزبية الأولى المتكاملة (١٩٠٧ ــ ١٩١٤) التى شهدت تأسيس عدد كبير من الأحزاب السياسية منها حزب الأمة بقيادة أحمد لطفى السيد، وحزب الإصلاح على المبادئ الدستورية للشيخ على يوسف، والحزب الوطنى بزعامة مصطفى كامل، والحزب الوطنى الحر بقيادة محمد وحيد الأيوبى (وكان حزبا مواليا للاحتلال البريطاني)، والحزب الجمهوري، وغيرها لم ينتبه أى منها للدور المجتمعي، وانتهت التجربة بقيام الحرب العالمية الأولى وفرض الحماية البريطانية على مصر.
وحتى فى التجربة الحزبية الثانية (١٩١٩ــ ١٩٥٣) التى ضمت أحزابا متنوعة على رأسها الوفد بقيادة سعد زغلول، والحزب الديمقراطى والحزب الاشتراكى الذى تحول لاحقا إلى الحزب الشيوعى المصرى قبل أن يتم حظره، والأحرار الدستوريين، ومصر الفتاة، وحزب العمال، وحزب الفلاح، أجهض الصراع بين الاحتلال البريطانى والقصر الملكى وحزب الوفد حركة التطور الديمقراطي، ولم يكن الدور المجتمعى للأحزاب السياسية واضحا نتيجة تحكم الإقطاع وسيطرة رأس المال على السلطة.
لكن مع قيام ثورة ٢٣ يوليو وسيطرة التنظيم السياسى الواحد، لعبت الدولة دورا اساسيا فى تطبيق العدالة المجتمعية، واعتبر البعض أن السياسات الاجتماعية الناجحة هى بديل عن الصراع الحزبى الذى لم يستفد منه الشعب شيئا، ومع الاتجاه للانفتاح السياسى والاقتصادى عقب حرب أكتوبر بدأت التجربة السياسية الثالثة عام ١٩٧٦، فى شكل منابر ثم أحزاب مثلت الاتجاهات السياسية الرئيسية الوسط واليمين واليسار، وتطورت إلى عدة أحزاب منها الوطنى والتجمع والوفد والأحرار وغيرها، لكن إغفال معظم هذه الأحزاب للعمل المجتمعى وسط الجماهير أعطى الفرصة لبعض التيارات المتطرفة غير الشرعية فى استغلال العمل المجتمعى للتسلل إلى التجمعات الجماهيرية من خلال بعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية والنقابات التى استطاعت السيطرة عليها، ولم تفطن تلك الأحزاب الشرعية إلى أهمية القيام بدورها المجتمعى فى تلبية احتياجات الجماهير فى المجتمعات المحلية، فتركت هذه المهمة إلى جماعات التطرف غير الشرعية.
ورغم الانفجار الكبير فى عدد الأحزاب بعد ٢٥ يناير ٢٠١١، الذى وصل الآن إلى نحو ١٠٤ من ألاحزاب، إلا أن عددا قليلا منها هو الذى انتبه إلى أهمية الدور المجتمعى للأحزاب الذى يتضمن الالتحام بالجماهير، والمساعدة فى تلبية احتياجاتها، ودعم المشروعات المختلفة لمؤسسات الدولة التى تستهدف الارتقاء بصحة المواطن وتعليمه وتوفير احتياجاته المعيشية ورفع درجة الوعى العام وإعداد كوادر شبابية قادرة على قيادة العمل السياسي، وفى نفس الوقت قطع الطريق على أى محاولة للجماعات غير الشرعية فى العودة لاستغلال العمل المجتمعى للتسلل إلى التجمعات الجماهيرية.
وكان للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دورا كبيرا في النهوض بالحياة السياسية، فلقد اعطي قبلة الحياة للاحزاب السياسية، من خلال دعوتها الي ان يكون لها دورا في النهوض بالمجتمع وتقديم مقترحات للدولة يتم العمل بها. وظهر ذلك جليا في ملتقي الاحزاب السياسية، حيث انطلقت الجولة الاولي وبدات فاعليات الجولة الثانية بمحافظة سوهاج، تحت شعار ” حصاد عام مضى.. ورؤية عام مقبل”، بمشاركة أحزاب مستقبل وطن، حماة الوطن، الشعب الجمهوري، مصر الحديثة، المؤتمر، تحالف دعم الأحزاب السياسية ، وتنسيقية شباب الأحزاب والسياسين.
واستعرض الملتقى، جهود الأحزاب السياسية خلال عام مضى، ورؤية الأحزاب السياسية وخطتها للعام المقبل في محاور الأجندة التشريعية والعمل المجتمعي والنشاط السياسي.
ويحضر المؤتمر أعضاء الهيئات البرلمانية، والأمناء وأمناء التنظيم والشباب والإعلام والعمل الجماهيري للأحزاب والكيانات المشاركة من محافظات الجيزة ، والفيوم، والوادي الجديد ، وبني سويف، والمنيا، وأسيوط، وسوهاج، وقنا، والأقصر، وأسوان، والبحر الأحمر”.
ومن المقرر، أن يواصل المؤتمر مراحله خلال الفترة المقبلة بالمرحلة الثالثة قطاع شرق الدلتا، والمرحلة الرابعة في الإسكندرية.