رحلة الدولة المصرية في عودة اثارها المسروقة بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣م.
بقلم : د. احمد ممدوح
كان هناك مخططا رهيبا مرسوما للدولة المصرية، للقضاء عليها ومحو تاريخها من علي خريطة العالم، قبل ثورة الثلاثين من يونيو، ولكن الله عز وجل اراد لمصرنا الحبية خيرا، فقد ايقظ الشعي المصري من ثباته وادرك المخاطر المحيطة بمصر، لايقاعها في فخ التدمير ومحو الحضارة.
وكانت عمليه تهريب الاثار ، واعطائها كهدايا للدول مباحة،، فقبل عام ١٩٨٣م، كانت هناك تجارة مباحة للآثار المصرية، وكان من حق البعثات الأجنبية الحصول على ٥٠ % من الآثار المكتشفة، الي ان صدار قانون حماية الآثار رقم ١١٧ لسنة ١٩٨٣م، الذي منع التصدير والتجارة في الآثار المصرية.
وشدد القانون المصري العقوبات ضد عصابات تهريب الآثار، إذ نص على معاقبة كل من قام بتهريب أثر خارج البلاد بالسجن المؤبد لمدة ٢٥ عام وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه، ولا تزيد عن ١٠ ملايين جنيه. ومع ذلك يوجد الملايين من القطع الأثرية المصرية لا تزال في الخارج، وتحتاج لجهود مكثفة من اجل استعادتها.
ولقد اكد كبير الأثريين في وزارة السياحة والآثار المصرية، مجدي شاكر إن السلطات تبذل جهودا كبيرة خلال السنوات الماضية لاسترداد آثارها من الخارج، سواءً المنهوبة أو المهربة. ولكن هناك بعض التحديات التي تواجه السلطات المصرية لاسترداد بعض القطع المهربة، فهناك بعض الدول تبيح تجارة الآثار وعرضها في مزادات مثل إنجلترا.
وبالتالي إن لم نقدم المستندات والأوراق الخاصة بهذه القطع قد يتم بيعها ولن نتمكن من استعادتها. كذلك هناك دول أخرى لم توقع على اتفاقية اليونسكو لحماية التراث، التي تجبر الدول على رد الآثار المسروقة وعدم بيعها.
وكانت هناك إهداءات يهديها الرؤساء والزعماء لتلك الدول، مثل المعابد الخمسة التي قام الرئيس جمال عبد الناصر بإهدائها لعدد من الدول بعد إنقاذ معابد النوبة”.
وتابع خبير الآثار، أن الآثار التي خرجت من البلاد بطريقة شرعية يستحيل استردادها، لأنها خرجت في إطار قانون مصري، أما الآثار التي خرجت عن طريق السرقات أو التي خرجت عن طريق البعثات الدبلوماسية في القرن الـ ١٩ بنوع من التدليس مثل رأس نفرتيتي، حيث خرجت على أنها حجر جيري ومكررة وحالتها غير جيدة.
وأضاف أنه كانت هناك اتفاقات على بعض الاكتشافات بأنه لا يجوز أن تذهب لأي مكان آخر مثل كنوز “توت عنخ آمون”، لذا يجب التفرقة بين الآثار التي خرجت بطريقة شرعية والتي خرجت بطرق أخرى،
فمعروف أنه أيام عبد الناصر والسادات كانت هناك إهداءات للدول من القطع الأثرية.
فهناك الملايين من القطع الأثرية قد خرجت من مصر طوال الفترات الماضية، ونرى كل تلك القطع في المتاحف الخارجية معروضة بطريقة شرعية، فلا يمكن أن تقوم المعارض الدولية بعرض قطع أثرية مصرية حصلت عليها بطريقة غير شرعية،
ويوجد ملايين القطع ألاثرية المصرية المهربة الي متاحف وقصور العالم، وبفضل هذه القطع اكتسبت هذه المتاحف شهرة عالمية، ولذلك قامت وزارة الآثار بشكيل إدارة خاصة للآثار المستردة لإيجاد صيغة ومسمى وتصنيف كل قطعة يتم استردادها”.
والمشكلة أن اليونسكو أصدرت قانون في العام ١٩٧٢م، ينص على استقرار الممتلكات الثقافية، ويقضي القانون بأن أي أثر خرج من أي بلد قبل عام ١٩٧١م، يستقر في نفس البلد ومن أصدروا تلك القوانين هم من كانوا يستعمرون تلك المناطق.
ولذلك إذا كنا نريد الاسترداد علينا تغيير القانون الدولي وهي مشكلة كبيرة جدا، لذا فإن الأمر يحتاج إلى عقود من الزمن، لأن الأمر صعب.
ولذلك تم إلغاء القوانين التي أعطت للبعثات الأثرية الحق في الحصول على ٥٠% من الآثار المستخرجة عن طريقها.
ولقد استطاعت مصر استرداد عدد من القطع المهربة بطرق غير شرعية وليس لها أوراق ثبوتية، حيث تم استعادة ٢٧ ألف قطعة خلال الـ ٦ سنوات الأخيرة وهي كالآتي :
١- في عام ٢٠١٤؛ نجحت وزارة الآثار بالتعاون مع وزارة الخارجية المصرية فى استعادة عدد من القطع المهربة ومنها ٣ قطع من ألمانيا بناء على الحكم الصادر من المحكمة العليا «فريبورج»، تمثل تمثالاً جماعياً من البازلت، ومقصورة صغيرة عليها اسم الأمير «خع ام واست»، ومسلة حجرية صغيرة، إلى جانب استعادة ٢٧ قطعة من ألمانيا اتضح أنها خرجت بطريقة غير شرعية، عبارة عن قطع أثرية صغيرة وكسر فخارية.
٢- ام استعادة ٨ قطع من الدنمارك كانت مسروقة من منبر جامع جانم البهلوان، إضافة إلى استعادة قطعة من الكرتوناج الملون من مسروقات المخزن المتحفي بسقارة، كانت مهربة إلى فرنسا، وقطعة من الحجر الرملى كانت مهربة إلى ألمانيا، وهى مغطاة بطبقة من الجص عليها رسم يمثل شخصين من حاملى القرابين ملونة مسروقة المقبرة (TT63) (مقبرة سوبكحوتب) بالأقصر ترجع لعصر تحتمس الرابع، عينة تم استردادها من ألمانيا والمعروفة باسم عينات هرم خوفو سبتمبر.
٣- كما تم استعادة ١٥ قطعة من إنجلترا تمت سرقتها من المخزن المتحفى بسقارة، وقطعة زجاجية مسروقة من المخزن المتحفى بالقنطرة شرق، واستعادة تمثال أوشابتى من جنوب أفريقيا مصنوع من مادة الفيانس.
٤- وفى عام ٢٠١٥-٢٠١٦، تم استرداد غطائين لتابوتين من العصر الفرعونى على شكل آدمى ومصنوعين من الخشب والكارتوناج الملون وعليهما عدد من النقوش والزخارف الملونة من إسرائيل، ومجموعة من الحشوات الخشبية بعد إيداعها فى صالة مزادات بونهامز بمدينة لندن، وتمثال عاجى من برلين يعود إلى القرنين السابع أو الثامن الميلادى، وإناء حجرى من برلين، إلى جانب لوحة الزيوت السبعة المقدسة من سويسرا، والتى تعود لعصر الدولة القديمة.
٥- كما استردت مصر من سويسرا لوحة أثرية من الجرانيت الأسود تعود لعصر الأسرة الثلاثين،
٦- كما استردت مصر ٧ قطع أثرية من «أمريكا والإمارات وسويسرا» عبارة عن مشكاتين كانتا مسروقتين من مخازن متحف الحضارة، ولوحة جنائزية للمدعو «سشن نفرتوم» مصنوعة من الحجر الجيرى.
٧- كما نجحت الدولة المصرية من عام ٢٠١٨ إلى ٢٠٢١ في استرداد عدد كبير من القطع الأثرية شملت ٢٢٢ قطعة أثرية و٢١ ألف عملة من ٥ دول، واستعادة تابوت أثرى مُذهب كان اشتراه متحف المتروبوليتان بالولايات المتحدة الأمريكية من أحد تجار الآثار الذي كان حاملا لتصريح خروج للقطعة صادر من مصر ويرجع لعام ١٩٧١م. كما استطعنا استرداد تابوت أثري كان موجودا في متحف المتروبوليتان بنيويورك وكان معروضا بأوراق مزورة وهو تابوت مذهب ومن القطع الفريدة جدا.
٨- كما نجت مصر في استرداد ٩ قطع من فرنسا، و١٤ قطعة من قبرص، و٣ من الولايات المتحدة الأمريكية، وقطعة من الكويت، و١٩٥ قطعة و ٢١٦٦٠ عملة معدنية من إيطاليا، ليصل إجمالي عدد القطع المستردة منذ يناير ٢٠١٨ وحتى نهاية نوفمبر ٢٠١٨، ٢٢٢ قطعة أثرية و٢١ألفا و٦٦٠ عملة معدنية.
٩-كما نجحت مصر ايضا في إعادة ٥٠٠٠ قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأميركية بتضافر الجهود بين وزارتي الآثار والخارجية المصرية بالتعاون مع السلطات الأميركية، وبالفعل، وصلت القطع الأثرية التي كانت ضمن مقتنيات متحف “الإنجيل المقدس” إلى مصر وتم ضمها إلى المتحف القبطي في القاهرة.
١٠- وفي ٢٣يونيو ٢٠٢١ تم استرداد ١١٤قطعة أثرية مصرية تم نهبها من الداخل وتهريبها إلى فرنسا، إلى جانب استرداد ٣ قطع أثرية مصرية من بريطانيا خرجت بطريقة غير شرعية.
١١- وفي ٣٠ سبتمبر ٢٠٢١م،
اتفقت مصر مع بلجيكا علي لاسترداد قطعتين أثريتين، مع التأكيد على ضرورة الإسراع من استرداد باقي القطع الأثرية.
ولقد كشف الدكتور شعبان عبدالجواد، مدير إدارة الآثار المستردة بوزارة السياحة والآثار، إن مصر والدول صاحبة التراث الحضاري تعاني من ظاهرة الحفر خلسة في المواقع الأثرية، حيث لا يتم تسجيل القطع الأثرية المهربة أو معرفة موعد خروجها لكن يتم رصدها بعدما تظهر في صالات مزادات أو ضبطها في أحد الموانئ أو المطارات الدولية أثناء البيع.
واكد« شعبان عبدالجواد» أن مهمتنا الأساسية متابعة كل المزادات التي تعرض القطع الأثرية المصرية في الخارج سواء في دور العرض الإلكترونية والموانئ الدولية وما يعرض في المتاحف الكبرى بآثار خرجت من مصر بطريقة غير شرعية.
وتابع : «ان كل عملنا يأتي بالتعاون مع النيابة العامة المصرية لأن الأثار المهربة قضايا يتم التحقيق فيها، وكل جهة تقوم بعملها على أكمل وجه في هذا الملف ما دفع عددا كبيرا من دول العالم إلى استنساخ التجربة المصرية في عمليات الاسترداد.
ولقد أكد المستشار محمد محمود خلف رئيس الاستئناف ومدير إدارة التعاون الدولي وحقوق الانسان بالنيابة العامة المصرية، أن النيابة العامة مصرة على استرداد كافة القطع الاثرية المهربة مهما كانت العقبات القانونية أو الإجرائية في هذا الشأن.