خطر الزيادة السكانية في مصر ودور الدولة لمواجهتها
بقلم : د احمد ممدوح
لقد اكد الرئيس عبد الفتاح السيسي إن من أكبر المشاكل التي تواجهها مصر الزيادة السكانية، حيث تعد بمثابة تحدي أمام الدولة، وأكد أن كل ولي أمر مسؤول عن أبنائه ومدى قدرته على إعاشتهم، معتبرا أن الحد من النمو السكاني سيؤثر إيجاباً على مختلف المجالات.
كما أكد الرئيس على مواجهة مختلف التحديات في عملية مشتركة بين الدولة والشعب، وأن مواجهة تحدي النمو السكاني يتطلب تضافر كل جهود الدولة بجانب منظمات المجتمع المدني والمواطنين، والتركيز على دور التوعية بين الناس لتحقيق نتائج جيدة.
وتمثل الزيادة السكانية خطرا كبيرا للاسباب الاتية :
١- زيادة الاستهلاك لدى الأفراد، وزيادة نفقات الدولة على الخدمات، وانتشار ظاهرة البطالة، والانخفاض في نسبة الأجور في القطاع العام والخاص، وارتفاع أسعار الوحدات السكنية والزحف العمرانى على الأراضي الزراعية، وانهيار المرافق العامة.
٢- حدوث اختلالات في النظام المجتمعي في الدولة، وقد يسبب انتشار الجريمة بسبب تفشي البطالة وقلة الفرصة وحاجة الناس إلى الدخل.
٣- زيادة المخصصات العامة للإنفاق على الخدمات الأساسية، كالتعليم والصحة والمواصلات والإسكان والحماية الاجتماعية والأمن، وذلك على حساب مخصصات الإنفاق الرأسمالى على المشروعات التنموية بقطاعات الإنتاج الرئيسية كالزراعة والصناعة التحولية.
٤- صعوبة رعاية الأبناء، وانخفاض المستوى المعيشى للأسرة، وعمالة الأطفال، وكثرة الخلافات الأسرية، وضعف الرقابة الأسرية نتيجة انشغال الوالدين، وزيادة الضغط النفسى والعصبى على الوالدين.
٥- تتعدد مخاطر استمرار النمو السكاني المتزايد على كل من الأفراد والأسر والفئات خاصةً الأكثر انجابًا وحرمانًا، والأقل قدرة على مواجهة متطلبات هذه الزيادة المستمرة في الحمل والإنجاب وما يترتب عليها من مخاطر مثل: صعوبة الوصول للخدمات اللأزمة بسهولة، وانعدام الدخل المناسب، وهكذا تستمر الدائرة المفرغة.
ولهذا تعكف الجهات الحكومية على حل أزمة الزيادة السكانية، وتلعب وزارة التنمية المحلية دوراً محوريا وذلك من خلال النزول لتوعية المواطنين في القرى والنجوع بالإضافة إلى إعداد قاعدة بيانات لكل قرية تضم كل المعلومات الاجتماعية عن أهالي القرية، ومن أهم الاجراءات التي تتخذها الوزارة لتوعية المواطنين في مواجهة وحش الانفجار السكانى، وذلك لما ترصده دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات :
١- إعداد قاعدة بيانات: تم اعداد قاعدة بيانات مركزية عن كل قرية ونجع تضم الوضع السكاني، والوضع الاجتماعي والخدمات، والموارد الطبيعية، والمشاكل والتحديات وذلك بهدف السيطرة على النمو السكاني.
٢- المشاركة الاجتماعية: تم الاستعانة ب ١٠١٩ منسق سكان في محافظات« اسوان والاقصر وقنا وسوهاج واسيوط والبحيرة والجيزة وبني سويف والمنيا والقليوبية» للتمكن من تحديد الاحتياجات السكانية وتحديد مواطن فقر الخصائص السكانية، وذلك للمساعدة في إعداد الخطط السكانية للمجلس القومي للسكان، وقد فعلت الوزارة المشاركة المجتمعية لحل تلك القضية بتفعيل المبادرات بمشاركة الشباب والقطاع الخاص والمجتمع المدني ، ولعل من أهم هذه المبادرات هي مبادرة «٢ كفاية» حيث يتم التواصل المباشر مع الأمهات والفتيات المقبلات على الزواج وتعليمهن كيف يحمين أنفسهن من حمل غير مخطط وتوفير عيادات لتنظيم الاسرة وتقديم المشورة.
وتقدم المبادرة التوعية حول سلبيات الزيادة السكانية على التسرب من التعليم والامية والبطالة، وأن الحل هو عمل المرأة، فعندما تتمكن المرأة إقتصاديا وتحاول أن تثبت ذاتها، تستطيع حينها امتلاك قرارها في اختيار عدد أطفالها وتتمكن من تربيتهم بجانب نجاحها اقتصاديا في عملها مما ينعكس على تلبية احتياجات أسرتها. وبالفعل نجح برنامج ٢ كفاية في التوسع إلى ٤٠٠ عيادة تابعة للجمعيات الاهلية في ٢١ محافظة.
٣- معدل الزيادة: مصر لديها خطط استراتيجية عديدة قامت بوضعها من اجل مواجهة القضية السكانية وتفعيل الكثير من الانشطة على أرض الواقع،وبالفعل نجحت هذه الاستراتيجيات بشكل نسبي حيث كان معدل الانجاب في ثمانينات القرن الماضي يزيد عن ٥ وأحيانا ٦ أطفال لكل سيدة في الريف المصري، أما الآن فقد وصل هذا المعدل إلى أقل من ٣:٥ أطفال لكل سيدة.
٤- دور التنمية المحلية: الوزاره المسؤولة عن خفض معدلات السكان وتحسين الخصائص السكانية وإعاده التوزيع السكاني، وذلك من خلال قدرتها على حوكمة البرنامج السكاني على أدنى مستوى إداري وهو ما يتم حاليا بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة والمجلس القومي للسكان.
٥- تدخل التكنولوجيا: تعمل التنمية المحلية حالياً على منظومة معلوماتية للسكان بشكل متكامل في المحافظات، لمتابعة وتقييم تحقيق أهداف الاستراتيجية للسكان والتنمية ٢٠٣٠ ومؤشرات التنميه المستدامة العالمية، حيث تم توقيع بروتوكول تعاون بين الوزارة ومركز المعلومات واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء لعمل لوحة إلكترونية معلوماتية للسكان لمعرفة المؤشرات السكانية بكل قرية في كل محافظة، ومساعدة المحافظ في معرفة القرى الأكثر احتياجا لتحسين مؤشراتها السكانية والاقتصادية والاجتماعية. كما سيتم إنشاء منصة إلكترونية للتوعية وتجميع البيانات من القرى و أرشيف إلكتروني لحفظها، وسيتم عقد بروتوكول مع الجهاز المركزي للتعبئه العامة والإحصاء لإمداد الوزارة بالمعلومات السكانيى المحدثة والدقيقة، هذا و بالتعاون مع وزارة الإتصالات ليتم تغطية جميع المحافظات التي نفذت فيها المشروع بخدمة الإنترنت في القرية كعامل أساسي في عملية الميكنة وضمان لجودة البيانات.
٦- العيادات الصديقة للشباب : وهي تجربة جديدة من نوعها بدأت في مصر عام ٢٠١٧م ، وهو المشروع الذي عملت عليه الهيئة الدولية لصحة الأسرة بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان و الجمعية المصرية لتنظيم الأسرة و يهدف إلي تحسين خدمات الصحة الإنجابية والمشورة المقدمة للشباب قبل الزواج للوقاية من الأمراض المعدية، وأصبح عدد العيادات ١٧ عيادة في ١٢ محافظة منها: المنوفية والقليوبية والدقهلية ومطروح والإسماعيلية والبحيرة و كفر الشيخ و بني سويف والغربية واسوان، حيث يتم تقديم معلومات صحية واجتماعية للشباب من الجنسين في كل الموضوعات المتعلقة بالصحة الإنجابية والرد على تساؤلاتهم، لتزيد مسؤولية هؤلاء الشباب ودورهم لأنهم آباء و أمهات المستقبل، وقد يصبحون كوادر قيادية يوما ما في ظل المبادرات الرئاسية الموجودة لتمكين الشباب.