تقييم الأعمال الدرامية من مسلسلات رمضان 2024 : أبرزهم “العتاولة و المعلم و بـ 100 راجل”
كتبت د /أمل عبد العزيز
أصبحت العديد من مسلسلات شهر رمضان الحالي تعكس عدم الالتزام بالقوانين وتجاهلها بوضوح. فمن خلال متابعتنا لمسلسلات هذا الشهر الفضيل، نجد أن العديد منها يبرز محاولات أبطالها للتصدي للظلم بطرق غير قانونية، دون اللجوء إلى السلطات المختصة، رغم أن القانون يُعَدُّ المرجع الأساسي لتنظيم المجتمع وتحديد حقوقه وواجباته.
تعتبر مؤشرات الحكومه العالمية سيادة القانون علامة على ثقة الأفراد في النظام القانوني والالتزام به، لكن ما يجري في مسلسلات رمضان يختلف تمامًا عن ذلك، إذ يُظهر تمرُّد الشخصيات على القوانين بطريقة تشجع على التصرفات غير القانونية بشكل ملحوظ.
مسلسل “صيد العقارب”: بحث عن العدالة خارج إطار القانون
“صيد العقارب” يعد أحد المسلسلات الحالية التي تسلط الضوء على محاولات الشخصيات الرئيسية للبحث عن العدالة بطرق غير تقليدية، ويتخذون مواقف خارجة عن إطار القانون.
يتناول المسلسل قصة الدكتورة عايدة ضرغام التي تنشط في مجال صيد العقارب وتتاجر بها.
تعيش عايدة حياة مسالمة مع زوجها ياسين الغول، ولكن مقتل شقيقها علي ضرغام على يد سامح الغول شقيق زوجها يقلب حياتها رأسًا على عقب، ويؤدي إلى طلاقها من ياسين ودخولها في صراعات مع العائلتين.
تسعى عايدة للعثور على حسام لتنال حقها منه بشكل غير قانوني، وذلك لتهدئة ضمير والدها وعائلتها التي تتواجد في حالة من الانقسام بين الرغبة في الانتقام من قاتل شقيقها وبين الشك في هويته الحقيقية كقاتل. المسلسل من تأليف باهر دويدار وإخراج أحمد حسن، ويضم أسماء بارزة في الوسط الفني مثل غادة عبد الرازق، رياض الخولي، وغيرهم.
“بيت الرفاعي: مسارات غير تقليدية نحو العدالة”
“بيت الرفاعي” يعتبر المسلسل الثاني الذي يبرز استخدام الشخصيات الرئيسية لطرق غير تقليدية لتحقيق العدالة، متجاوزاً الإطار القانوني المعتاد. يتناول المسلسل قصة ياسين الرفاعي الذي يتهم زوراً بقتل والده، تاجر الآثار محمود الرفاعي.
تتم القبض على ياسين وأثناء نقله للسجن يتعرض لحادث سيارة يساعده على الهروب والاختفاء من رجال الشرطة. يسعى ياسين لإثبات براءته بطرقه الخاصة، متجاوزاً الإجراءات القانونية. يحمل المسلسل تأليف بيتر ميمي وهند عبدالله وعمرو أبوزيد، وإخراج أحمد جلال، ويضم أسماء بارزة في عالم التمثيل مثل أمير كرارة وأحمد رزق وسيد رجب وغيرهم.
“سر إلهي: ما وراء حدود القانون”
في مسلسل “سر إلهي”، يتبنى أبطال العمل شعار “سنحقق حقوقنا بأيدينا”، دون أن يعلنوا ذلك بوضوح، إلا أن تصرفاتهم تكشف عن انحرافهم عن القانون واستخدامهم للعنف للحصول على حقوقهم.
يستعرض المسلسل قصة نصرة السيد عبد المولى، التي تواجه تحديات كبيرة في حياتها الاجتماعية، حيث تجد نفسها وحيدة بعد خيانة زوجها وأخوتها وتورطهم في تصنيفها كمجرمة زوراً، مما يدفعها للسعي وراء الانتقام بعد خروجها من السجن، متجاوزة القانون.
تطرح القصة تساؤلات حول سبب قيام رجل الأعمال المعروف سراج، الذي يتمتع بمستوى عالٍ من الثقافة والثراء والنفوذ، باللجوء إلى العنف وتحقيق حقوقه خارج إطار القانون، على عكس ما يمكن توقعه من شخص من مثل هذا المستوى الاجتماعي.
يعد مسلسل “سر إلهي” من إنتاج شركة كودكس، وتأليف أمين جمال، وإخراج رؤوف عبد العزيز، ويضم أسماء مميزة في عالم التمثيل مثل روجينا ومحمد ثروت وأحمد مجدي وغيرهم.
“نعمة الأفوكاتو: بين القانون والانتقام الشخصي”
على الرغم من أن المحامية نعمة سعيد أبوعلب قد أدت اليمين القانونية، وتعهدت بالتصرف بحسن الخلق والمظهر اللائق، والامتثال للأسس الأخلاقية في مزاولة مهنتها بكل أمانة وشرف، واتباع الطرق القانونية في أداء واجبها المهني، إلا أنها تظهر حاليًا في مسلسلها “نعمة الأفوكاتو” محاولة للحصول على حقها خارج نطاق القانون، كما تمت مشاهدتها في الحلقات السابقة، بعد تعرضها للخيانة من زوجها المخادع مرارًا.
المسلسل من تأليف محمد سامي ومهاب طارق، وإخراج محمد سامي، ومن بطولة نخبة من النجوم مثل مي عمر، وأحمد زاهر، وأروى جودة، وغيرهم.
“صراع المعلم: بين القانون والثأر في سلسلة الانتقام”
المعلم، الشخصية البارزة التي يجسدها الممثل مصطفى شعبان، تعيش حالة من الانشغال في الوقت الحالي. يهدف المعلم إلى إعادة كرامة والده وتبرئته من التهم الملفقة التي أدت إلى سجنه، وذلك قبيل انتهاء شهر رمضان المبارك. تمت مسلسلة تهم تجارة المخدرات وسرقة خزانته، لذا قرر المعلم اللجوء إلى العنف والانتقام بنفسه، متجاوزاً القوانين والإجراءات القانونية المعتادة.
في الحلقات السابقة من المسلسل، يظهر المعلم في مواجهات شديدة مع مسلحين عديمي الضمير، حيث يتمكن من التغلب عليهم وهزيمتهم والهروب منهم بنجاح. مسلسل “المعلم” بتأليف محمد الشواف، وإخراج مرقس عادل، وإنتاج شركة سينرجى، ويشارك في بطولته مجموعة من النجوم مثل سهر الصايغ، وأحمد بدير، وغيرهم.
“حق عرب: رحلة العدالة والاستقامة في ظل القوانين”
في مسلسل “حق عرب”، تقدم الأم ماجدة، التي يؤدي دورها سلوى عثمان، نصيحة حكيمة لأبنائها وهم أطفال بأنهم يجب عليهم أن يحافظوا على حق والدهم ويطالبوا به، خاصةً بعد أن يكبروا، في إطار من الوعي بأهمية العدالة والاستقامة.
تتابع القصة تطور عرب، الذي يجسده أحمد العوضي، وهو يعمل في خدمة المعلم عبدربه، الذي يتاجر في الآثار ويتدخل في شؤون الناس بطرق غير قانونية.
يواجه عرب السويركي تحديات يومية خلال رحلته، حيث يسعى جاهدًا لحماية نفسه ومعلمه، وللانتقام من قاتل والده، في سياق يعاني فيه من غياب العدالة والاستقامة في ظل القوانين.
المسلسل من تأليف محمود حمدان، وإخراج إسماعيل فاروق، وإنتاج شركة سينرجى، ويشارك في بطولته عدد من النجوم مثل أحمد العوضي، ودينا فؤاد، ورياض الخولى، وفاء عامر، وليد فواز، وغيرهم.
“البحث عن العدالة: رحلة غالية ومهران في مسلسل “بـ 100 راجل” تحت وطأة غياب القانون”
تعقد غالية، بعد قتل عريسها في ليلة فرحها وإصابة والداها المعلم حنفي بجراح خطيرة جراء إطلاق نار، عزمًا على كشف هوية القاتلين في مسلسل “بـ 100 راجل”. تبرز في القصة محاولات غالية للعثور على الجناة والحصول على العدالة خلال مسار الأحداث، في إطار من غياب القانون الذي يشهده العمل.
إلى جانب غالية، يتم تقديم شخصية مهران التي يجسدها محمد رضوان، حيث يكتشف خيانة زوجته ويقوم بتصويرها وهي تُطلق النار على عشيقها، ثم يتخذ إجراءات مشبوهة وغير مشروعة بدفن الجثة في مكان مهجور، مما يظهر الانحراف عن القوانين.
يتميز مسلسل “بـ 100 راجل” بتأليف محمود حمدان، وإخراج إبرام نشأت، وإنتاج ممدوح شاهين، ويشارك في بطولته نخبة من النجوم مثل سمية الخشاب وهالة فاخر ومحمود عبد المغني وغيرهم.
“مسلسل ‘محارب’: رحلة عزيز في تحدي الظلم واستكشاف حدود العدالة خارج إطار القانون”
في مسلسل “محارب”، يتابع المشاهد رحلة عزيز محارب الذي يتعامل مع شخصيات تستغل القانون لصالحها، مثل المحامي حسام الجيوشي الذي يستغل القوانين لصالح رجل الأعمال الذي يعمل معه. في مساره، يتعرض عزيز للظلم والظروف القاسية التي تدفعه إلى الهروب ومحاولة إثبات براءته بنفسه، متجاوزاً حدود القانون تمامًا كما فعل في السلسلة.
المسلسل من تأليف محمد سيد بشير وإخراج شيرين عادل، ويضم مجموعة من النجوم مثل أحمد زاهر وماجد المصري وناهد السباعي ونرمين الفقي وغيرهم، مما يجعله تجربة مشوقة ومثيرة للمشاهدين.
‘العتاولة’: صورة مظلمة عن المجتمع والقانون دون توازن واقعي”
مسلسل “العتاولة” يعرض صورة مظلمة ومشوهة عن المجتمع والقانون، حيث يتم تصوير الأبطال كمجرمين ومنحرفين دون تقديم أي نوع من التوازن أو التصوير الواقعي للشخصيات. يبدو أن المسلسل يعتمد بشكل كبير على استعراض العنف والجريمة بدون تحليل عميق للأسباب والظروف التي أدت إلى هذه السلوكيات.
تظهر الشخصيات في المسلسل بشكل غير واقعي ومتطرف، حيث يتم تصويرهم بأبعاد سلبية ومنحرفة دون تقديم أي جوانب إنسانية أو نضج شخصي. يبدو أن الهدف من ذلك هو إثارة الجدل وجذب الانتباه بدلاً من تقديم رسالة أو فكرة أو تصوير واقعي للمجتمع.
بالإضافة إلى ذلك، يتضح أن المسلسل يعتمد بشكل كبير على المؤثرات البصرية والصوتية القوية والمشاهد العنيفة لجذب الانتباه وتشويق المشاهدين، مما يجعله يبدو كترفيه مسيء يستند إلى العنف والإثارة بدلاً من العمق والتفكير.
بشكل عام، يمكن اعتبار مسلسل “العتاولة” فشلاً في تقديم رسالة أو فكرة واضحة، ويعتبر تصويره للشخصيات والأحداث بشكل سلبي ومشوه يجعله غير ملائم للمشاهدة، خاصةً للمشاهدين الذين يبحثون عن محتوى يقدم رؤية متوازنة وواقعية للعالم من حولهم.
التساؤل الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا تعتمد معظم هذه المسلسلات على إنتاج الشركة المحتكرة للدراما؟ والسؤال الأهم هو: لماذا لا تحافظ هذه الشركة على هيبة الدولة وتعزز احترام قوانينها؟
يبدو أن الإنتاج الدرامي يأتي في ظل شعار الدولة الجديدة، التي تؤكد على أهمية احترام القانون وتعزيز سيادته. وبناءً على ذلك، ينبغي على الدراما أن تعكس هذه القيم من خلال محتواها وتعزز احترام القانون وسيادته في رسالتها.
من المهم أن يكون الإنتاج الدرامي قادرًا على ترسيخ مبادئ القانون واحترام السلطات في محتواه، بدلاً من تصوير الشخصيات بطرق منحرفة وغير مسؤولة. فالدراما ليست مجرد وسيلة ترفيهية، بل هي أداة تثقيفية وتوعوية يجب أن تعكس قيم المجتمع وتعزز الوعي بأهمية القانون واحترامه.
لذلك، يجب على المسؤولين عن الإنتاج الدرامي أن يكون لديهم الوعي بالمسؤولية الاجتماعية للمحتوى الذي يقدمونه، وأن يعملوا على تعزيز احترام القانون وترسيخه في وعي الجمهور من خلال مسلسلاتهم وأعمالهم الدرامية.
في ظل التطور التكنولوجي المستمر، أصبح بإمكان رجال القانون أداء عملهم بكفاءة أكبر لتحقيق العدالة. ومن هنا، يتبنى العديد من الأشخاص والجهات القانونية استخدام التكنولوجيا في أداء وظائفهم بشكل أكثر فعالية ودقة. ولذلك، ينبغي على الأعمال الدرامية الحديثة أن تعتمد على القانون بدلاً من “شريعة الغاب”، التي لم تعد مقبولة في هذا العصر الحديث بسبب السذاجة التي تحملها.
من الواضح أن مسؤولي الإنتاج الدرامي في الشركة المحتكرة قد يعيشون في زمن الجهل بينما نعيش في عصر المعلومات والتواصل السريع. قد يكونون غير مدركين للتأثير الفعّال للدراما على المجتمع والفرد. فهم قد ينظرون إلى الدراما على أنها مجرد وسيلة للتسلية والترفيه دون أن يدركوا أن لها دورًا كبيرًا في تشكيل وجهات النظر والقيم في المجتمع.
لذا، يجب على صناع الدراما أن يكونوا أكثر وعياً واهتماماً بالمحتوى الذي يقدمونه، وأن يتحلوا بالمسؤولية الاجتماعية في تقديم رسائل تعزز احترام القانون وتعزيز القيم الإيجابية في المجتمع.
حتى وإن كانت الأعمال الدرامية تُعامل كوسيلة للتسلية والترفيه، ينبغي أن تكون هذه التسلية ذات فائدة وأهمية، وأن تراعي حدود الأمان والمسؤولية تجاه أبناء المجتمع المصري. ففي ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعيشها المجتمع، يجب على الدراما أن تلعب دورًا إيجابيًا في تخفيف الضغوط وتقديم رسائل تحفيزية وملهمة، مع الالتزام بقوانين البلاد التي تحقق العدالة وتحافظ على النظام الاجتماعي.
وبالتالي، يتعين على منتجي الدراما أن يتحلوا بالوعي والحس المسؤول تجاه المحتوى الذي يقدمونه، وأن يضعوا في اعتبارهم الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المجتمع المصري. عليهم أن يسعوا لتقديم أعمال درامية تعزز القيم الإيجابية وتوفر ترفيهًا آمنًا ومثيرًا يعزز الروح المعنوية ويؤثر بشكل إيجابي على الجمهور.
ألا تتمثل أهداف الجمهورية الجديدة التي نطمح إليها في تحقيق مجتمع مزدهر وعادل؟ ولم يعلن الزعماء السياسيون عن رؤيتهم ببناء مصر “قد الدنيا” فحسب، بل أيضًا في تحقيق العدالة وضمان حقوق جميع المواطنين.
فكيف يمكن لمصر أن تكون قد الدنيا في غياب القانون الذي يعتبر أساسًا لتحقيق العدالة وتوفير الأمان للمواطنين؟ يجب على الحكومة والسلطات المختصة العمل بجدية على تعزيز قوانين البلاد وتنفيذها بكل صرامة لضمان تحقيق العدالة وتحقيق الأهداف الوطنية للتنمية والازدهار.