كتب د. وائل بدوى
لندن — في يوم الجمعة، كشف منظمو الألعاب الأولمبية عن استراتيجيتهم لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الرياضة، مما يضعهم في طليعة السباق العالمي للاستفادة من هذه التكنولوجيا المتقدمة بسرعة. وقد أوضح اللجنة الأولمبية الدولية خططها للاستفادة من الذكاء الاصطناعي، حيث ذكر المسؤولون أنه يمكن استخدامه للمساعدة في تحديد الرياضيين الواعدين، وتخصيص طرق التدريب وجعل الألعاب أكثر عدلاً من خلال تحسين التحكيم.
قال توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، خلال حدث صحفي في مضمار الدراجات بالحديقة الأولمبية في لندن، التي استضافت الألعاب الصيفية في عام 2012: “اليوم نحن نتخذ خطوة أخرى لضمان تفرد الألعاب الأولمبية وأهمية الرياضة. لتحقيق ذلك، يجب أن نكون قادة التغيير”.
أضاف باخ: “نحن مصممون على استغلال الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة”. وقد كشفت اللجنة الأولمبية الدولية عن خطتها الرئيسية للذكاء الاصطناعي وهي تستعد لإقامة الألعاب الأولمبية في باريس، التي من المقرر أن تبدأ في أقل من 100 يوم.
تشمل خطط الذكاء الاصطناعي للجنة الأولمبية الدولية استخدام التكنولوجيا لحماية الرياضيين من التحرش الإلكتروني ومساعدة المذيعين على تحسين تجربة المشاهدة للأشخاص الذين يتابعون الألعاب من المنازل. وتجني اللجنة الأولمبية الدولية مليارات الدولارات من خلال بيع حقوق البث للألعاب.
كما أثار المنظمون المحليون للألعاب في باريس جدلاً بخططهم لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الأمان، حيث يشمل نظام مراقبة الفيديو الذي يستخدم كاميرات مزودة بالذكاء الاصطناعي لتحديد المخاطر الأمنية المحتملة مثل الحقائب المهجورة أو الزحام الشديد. وتخشى المجموعات الرقابية الرقمية من أن اقتراح تقنين أنظمة المراقبة الذكية، حتى لو كان مؤقتًا، سينتهك الخصوصية، على الرغم من إصرار الحكومة الفرنسية على أن الأنظمة لن تستخدم تكنولوجيا التعرف على الوجه.
وردًا على الاهتمامات المعبر عنها، أخبر باخ الصحفيين أن الأمر متروك للسلطات في البلد المضيف، وليس للجنة الأولمبية الدولية، لتقرير “أفضل الأدوات التي يجب تطبيقها لتأمين الألعاب”. وأضاف: “ما رأيناه من الحكومة الفرنسية ومن السلطات يظهر أن الجهود المبذولة لضمان الأمان في باريس واسعة النطاق ومهنية للغاية. لذا لدينا ثقة كاملة في السلطات الفرنسية”.
أعربت ليندسي فون، البطلة الأولمبية في التزلج، عن حسدها للأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي لم تكن متاحة عندما بدأت مسيرتها الرياضية. تحدثت فون عن كيف كانت تدون ملاحظاتها يدوياً في يومياتها عن أدائها، موضحة كيف أثرت الزلاجات المختلفة والأحذية ودرجات الحرارة على أدائها. أما اليوم، يتم استخدام الأجهزة اللوحية لتحليل البيانات فورًا، وتقديم مقارنة بصرية جنبًا إلى جنب لأفضل خطوط السباق. وقالت فون: “الذكاء الاصطناعي يعزز هذه الأدوات التحليلية، ولا يحل محل الرياضيين أو التدريب، ولكني أعتقد أنه مجرد أداة أخرى يمكن استخدامها بطريقة إيجابية لتحسين الأداء”.
تعاونت اللجنة الأولمبية الدولية مع شركة إنتل لاستكشاف الرياضيين المحتملين في أماكن تعاني من نقص في الاهتمام. أخذت الشركة التكنولوجية معداتها إلى السنغال، حيث زاروا خمس قرى وقاموا بتحليل القدرات الرياضية لألف طفل، من خلال قياس مدى ارتفاعهم عند القفز وسرعة ردود أفعالهم. باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل النتائج، قال كريستوف شيل، الرئيس التجاري لإنتل: “وجدنا 40 طفلاً حقًا واعدين”. ثم تم تشغيل نتائج الأطفال المختارة من خلال خوارزمية أوصت بالرياضات التي يمكن أن يكونوا جيدين فيها.
على الرغم من الفوائد، حذر باخ من السماح للآلات بأن تكون الحكم النهائي في مسيرة الرياضيين الشباب. أكد أن من هو “رياضي متميز في المصارعة يجب أن يظل لديه الفرصة للعب التنس ولا ينبغي استبعاده” بواسطة الخوارزميات. وتابع قائلاً أن اللجنة الأولمبية الدولية واعية بمخاطر الذكاء الاصطناعي ومصممة على استخدامه بطريقة تعزز الرياضة بشكل مسؤول.
تعهدت اللجنة الأولمبية الدولية بمتابعة تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بعناية، مع التركيز بشكل خاص على الآثار الأخلاقية والاجتماعية لاستخدام هذه التكنولوجيا في الرياضة. أنشأت اللجنة مجموعة عمل مخصصة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لدفع استخدامها قدمًا في الرياضة، كما أشار باخ، دون الخوض في التفاصيل الدقيقة.
كما يأتي الكشف عن خطط الذكاء الاصطناعي في وقت حاسم، حيث تستعد باريس لاستضافة الألعاب الأولمبية. مع الأخذ بعين الاعتبار الجدل حول استخدام الذكاء الاصطناعي للأمن خلال الألعاب، تبرز أهمية الشفافية والنقاش المفتوح حول كيفية تنفيذ هذه التكنولوجيات بطريقة تحترم الخصوصية وتضمن الأمان لجميع المشاركين والزوار.
تأتي هذه الخطوات في ظل تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، ومن المتوقع أن تقدم الألعاب الأولمبية في باريس نموذجًا لكيفية استخدام التكنولوجيا المتقدمة في أكبر الأحداث الرياضية عالميًا. وفي هذا السياق، تستمر اللجنة الأولمبية الدولية في استكشاف الفرص لتحسين الألعاب من خلال الابتكارات التكنولوجية، والتي قد تشمل مستقبلاً المزيد من التطورات في مجالات مثل تحليل الأداء الرياضي وتحسين تجارب المشاهدين وحتى تعزيز التفاعلات الرقمية بين الجماهير والألعاب.
من المقرر أن تكون هذه التقنيات حاضرة بقوة في الألعاب القادمة، وتعهدت اللجنة بمراقبة وتقييم التأثيرات المستمرة لضمان أن التطورات في الذكاء الاصطناعي تخدم الرياضة والرياضيين بطريقة تحترم قيم وأهداف الحركة الأولمبية.
تعليق المحرر –
تقديم استراتيجية استخدام الذكاء الاصطناعي في الألعاب الأولمبية يمثل تقاطعًا مثيرًا للإهتمام بين التكنولوجيا والرياضة، مع فوائد وتحديات واضحة. من الإيجابيات، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحسن من دقة التحكيم ويخصص تدريبات الرياضيين بشكل فعال، وهذا يعزز من الأداء الرياضي ويقلل من الأخطاء البشرية في الألعاب. استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد المواهب الرياضية في أماكن غير متوقعة يمكن أن يوفر فرصًا عادلة للرياضيين من جميع أنحاء العالم ويكشف عن مواهب قد تظل دون اكتشاف بالطرق التقليدية.
ومع ذلك، هناك تحديات أخلاقية وتقنية جدية يجب معالجتها. على سبيل المثال، الخوف من أن الذكاء الاصطناعي قد يصبح الحكم النهائي في مسيرة الرياضيين الشباب يطرح قضايا حول الحكم الآلي وتأثيره على حرية الاختيار الرياضي. القلق من الإفراط في الاعتماد على التكنولوجيا على حساب المهارات الإنسانية والتفاعلات يعد تحديًا آخر.
استخدام الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمن خلال الألعاب يثير أيضًا مسائل خصوصية كبيرة. مخاوف المجموعات الرقابية الرقمية حول تقنين أنظمة المراقبة الذكية تبرز التوتر بين الحاجة إلى الأمان والحق في الخصوصية. هذا يحتم على المنظمين توفير شفافية كافية وتقديم ضمانات حول كيفية استخدام التكنولوجيا بطريقة تحمي الخصوصية وتمتثل للقوانين الدولية.
بشكل عام، الذكاء الاصطناعي يحمل إمكانيات ثورية للألعاب الأولمبية، ولكن يجب موازنة تقدمه بعناية مع الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية لضمان أن يستفيد الجميع من التكنولوجيا دون أن تؤثر سلبًا على جوهر الرياضة والروح الأولمبية.