عطل الإنترنت العالمي يشل المؤسسات ويكشف خللاً غير متوقع: مايكروسوفت وكراودسترايك فى مواجهة التحدى
كتب د وائل بدوى
في يوم الجمعة، تعرض العالم لأزمة تقنية غير مسبوقة، حيث تسبب انقطاع تقني عالمي لشبكة الإنترنت في إرباك عمليات العديد من الشركات والهيئات في مختلف البلدان. من المطارات إلى البنوك، ومن وسائل الإعلام إلى شركات النقل، الجميع تأثر بهذه الأزمة. أعلنت شركة مايكروسوفت أنها بصدد اتخاذ “إجراءات” عاجلة لإصلاح الأعطال، بينما كشفت مجموعة “كراودسترايك” الأمريكية للأمن السيبراني السبب وبدأت في تصحيح المشكلة.
فوضى غير متوقعة في المؤسسات
تسبب هذا العطل المفاجئ في توقف العمل في العديد من المؤسسات الحيوية. في المطارات، شهد المسافرون تأخيرات كبيرة واضطرابات في الجدول الزمني للرحلات. البنوك والأسواق المالية لم تكن بمنأى عن التأثيرات، حيث تأثرت العمليات اليومية وأُجبر العاملون على البحث عن حلول بديلة.
مايكروسوفت، في محاولة لطمأنة مستخدميها، أوضحت في منشور على منصة إكس أن خدماتها تشهد تحسينات مستمرة، وأنها تعمل بلا كلل لإعادة الأمور إلى نصابها. وفي إشعار بعنوان “تدهور الخدمة”، أبلغت الشركة المستخدمين بأنهم قد يواجهون صعوبات في الوصول إلى تطبيقات وخدمات مايكروسوفت 365.
تحرك سريع من “كراودسترايك”
الحكومة الألمانية كانت من بين أوائل من أعلنوا عن سبب العطل. تحديث خاطئ أجرته “كراودسترايك” تسبب في هذه الفوضى. ورغم خطورة الموقف، سارعت الشركة إلى احتواء المشكلة. جورج كورتز، رئيس المجموعة، أكد في منشور له على منصتي إكس ولينكد إن أنه تم تحديد المشكلة وعزلها، مشدداً على أن الأمر ليس هجوماً سيبرانياً بل خلل تقني.
تأثيرات واسعة النطاق
العطل لم يكن محصوراً في منطقة واحدة، بل امتد تأثيره إلى أنحاء متفرقة من العالم. شركات الطيران منخفضة التكلفة تأثرت بخدمات مايكروسوفت السحابية، مما أدى إلى تأخيرات وإلغاء رحلات. وكالة الأمن السيبراني الفرنسية أكدت أنه لا دليل على أن العطل ناجم عن هجوم إلكتروني، مضيفة أن الفرق مجندة بالكامل لتحديد المؤسسات المتأثرة وتقديم الدعم اللازم.
في فرنسا، اللجنة المنظمة لدورة الألعاب الأولمبية في باريس أعلنت عن تأثير محدود على خدماتها. وفي الإمارات، تأثرت وزارة الخارجية ومطار دبي الدولي بهذا العطل، ما أدى إلى تعطيل مؤقت للعمليات.
العطل الفني الواسع النطاق
في المملكة المتحدة، أعلنت أكبر شركة مشغلة للسكك الحديد عن مشاكل فنية واسعة النطاق، محذرة من احتمال إلغاء رحلات. مطار سخيبول في أمستردام، أحد أكثر مطارات أوروبا ازدحاماً، تأثر أيضاً. في قطاع النفط والغاز، واجهت مقرات رئيسية لتداول النفط والغاز صعوبات في تنفيذ المعاملات.
في الإعلام، توقفت قناة “سكاي نيوز” عن البث المباشر لساعات، ما أثار استياء المشاهدين. شركات طيران أمريكية وهندية أعلنت عن مشاكل في أنظمة الحجوزات، فيما تأثرت عمليات مطار هونغ كونغ ومطارات أخرى حول العالم.
في ظل العطل التقني العالمي الذي تسبب في شلل العديد من المؤسسات الحيوية حول العالم، من اللافت للنظر أن مصر لم تتأثر بشكل كبير بهذا العطل. يمكن تفسير هذا الوضع بعدة عوامل محتملة:
1. بنية تحتية محلية مختلفة:
تعتمد مصر بشكل كبير على البنية التحتية المحلية لشبكات الإنترنت وخدماتها. قد تكون البنية التحتية المصرية أقل اعتمادًا على الخدمات السحابية العالمية التي تأثرت بالعطل، مثل تلك التي تقدمها مايكروسوفت.
2. مقدمو خدمات الإنترنت المحليون:
تعتمد مصر على مقدمي خدمات إنترنت محليين، الذين قد يكون لديهم شبكات وأنظمة مستقلة أو أقل تداخلًا مع الخدمات العالمية التي تأثرت. هذا الاستقلال يمكن أن يحمي الشبكات المحلية من التأثر بالأعطال العالمية.
3. نوعية الخدمات المستخدمة:
قد يكون نوع التطبيقات والخدمات التي تعتمد عليها المؤسسات في مصر مختلفًا عن تلك التي تأثرت بالعطل. إذا كانت المؤسسات في مصر تستخدم حلول تقنية محلية أو إقليمية، فقد تكون هذه الحلول أقل عرضة للتأثر بالعطل العالمي.
4. خطط الطوارئ والتعامل السريع:
ربما تكون المؤسسات المصرية قد اتخذت تدابير وقائية وخطط طوارئ فعالة لمواجهة أي أعطال تقنية. هذا الاستعداد المسبق يمكن أن يساعد في تقليل تأثير أي مشاكل تقنية محتملة.
5. توقيت العطل:
قد يكون توقيت العطل التقني قد حدث في وقت لم تكن فيه العمليات الحيوية في مصر متأثرة بشكل كبير، مثل خارج ساعات الذروة أو أثناء عطلة رسمية، مما قلل من التأثير الملحوظ على المؤسسات والخدمات.
رغم أن العطل التقني العالمي أثر على العديد من الدول والمؤسسات حول العالم، فإن مصر تمكنت من تفادي التأثر الكبير بسبب مجموعة من العوامل المحلية والخدمات المستقلة. هذا الوضع يسلط الضوء على أهمية وجود بنية تحتية محلية قوية وخطط طوارئ فعالة لمواجهة أي تحديات تقنية مستقبلية.
ورغم الإرباك الكبير، سارعت الشركات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإصلاح الأعطال. هذا الحدث يبرز أهمية الاستعداد للتحديات التقنية غير المتوقعة والاستجابة السريعة لها لضمان استمرارية الأعمال والخدمات الحيوية حول العالم. مايكروسوفت وكراودسترايك في مواجهة التحدي، وسباق مع الزمن لإعادة الإنترنت إلى مساره الصحيح.