بقلم : د، احمد ممدوح عماره
تعقد مصر آمالًا كبيرة على محطة الضبعة لتكون عاملًا أساسيًا للارتقاء بالتكنولوجيا في جميع مجالات الصناعة، وتوفير طاقة نظيفة تحقق الاستدامة، فمشروع محطة الضبعة للطاقة النووية هو تتويجا لسنوات عديدة من الجهود المصرية لإدخال الطاقة النووية إلى مصر منذ مطلع الخمسينيات من القرن الماضي في ظل رؤية مصر واستراتيجيتها لامتلاك الطاقة النووية السلمية ضمن خططها الهادفة لتنويع مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة ومواجهة التغيرات المناخية، وهو ما يضمن بدوره تحقيق العديد من المكاسب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وفي عام 1981 خُصِّص موقع الضبعة، في محافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط، لإنشاء أول محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة النووية. وطرحت مصر عام 1983 مناقصة دولية لإنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء هناك بقدرة 1000 ميغاواط، وجرى تحليل العطاءات والتفاوض مع المتناقصين طوال عامَي 1984 و1985، إلا أنه قبل موعد إعلان الفائز في المناقصة وقع حادث تشرنوبيل في أوكرانيا في 26 أبريل (نيسان) 1986 ورغم أن مفاعل تشرنوبيل كان من نوع مختلف تماماً عن النوع الذي كانت ستبنيه مصر، إلا أن المشروع توقف.
والذي خلّف انطباعًا سيئًا عن المفاعلات النووية والأضرار الإشعاعية التي قد تسببها، مما أدّى إلى تجميد المشروع المصري.
وأعلن الرئيس الراحل محمد حسني مبارك استئناف البرنامج النووي المصري في أرض الضبعة في عام 2007، إلّا أنه في ذلك الوقت ثار جدل واسع حول ملائمة هذه المنطقة للمشروع، وما إذا كان من الأفضل نقله إلى موقع آخر واستغلال الضبعة في مشروعات سياحية، فضلًا عن الآثار البيئية التي قد تضرّ بأهالي المنطقة.
وفي عام 2015، وقّعت مصر مع شركة «روساتوم» الحكومية الروسية اتفاق تعاون لإنشاء المحطة بتكلفة تبلغ 25 مليار دولار، قدمتها موسكو قرضاً حكومياً ميسّراً للقاهرة.
وفي ديسمبر (كانون الأول) 2017 وقّع السيسي وبوتين الاتفاقات النهائية لبناء محطة الضبعة خلال زيارة الرئيس الروسي للعاصمة المصرية.
وتضم محطة الضبعة، التي تعد من أضخم مشروعات إنتاج الطاقة الكهربائية في القارة الأفريقية، أربعة مفاعلات نووية بقدرة إجمالية 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل.
و بنهاية 2024 ، تنتهي مصر من استكمال نحو 30% من إجمالي مشروع محطة الضبعة النووية بنهاية العام الجاري، وفقًا لأليكسي ليخاتشوف، المدير العام لشركة روساتوم الروسية. أكد المدير العام للشركة الروسية، أن مشروع محطة الضبعة النووية يمثل أولوية قصوى للجانب الروسي، مضيفًا أنه يقوم باتخاذ مختلف الإجراءات اللازمة لتنفيذ المشروع وفقًا للتوقيتات المُحددة، حسب ما جاء في بيان مجلس الوزراء يوم الأربعاء الماضي. وأعرب عن حرصه على دعم المشروع والتزامه بتنفيذ ما تم التوافق عليه، وتعميق التعاون بين الجانبين في مجال التكنولوجيا النووية السلمية والطاقة الجديدة والمتجددة بصفة عامة.
وسيتم بدء التشغيل التجاري للمفاعل في سبتمبر 2028، على أن يتبعها تدشين باقي وحدات المفاعل.
وسيوفر المشروع بين 7.2 و7.7 مليار متر مكعب غاز سنويًا عقب تشغيل كامل وحدات المحطة النووية.
ويعد مشروع محطة الضبعة النووية من أبرز المشاريع القومية، ويسهم في تلبية الاحتياجات المتزايدة من الطاقة الكهربائية، وتعزيز أمن الطاقة، ودعم التنمية المستدامة، وكذلك المساهمة فى توفير فرص عمل متعددة ومتنوعة وتعزيز النمو الاقتصادي. وربما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري ويتفادى تقلبات أسعاره».
وأكد الرئيس السيسي إلى أن إضافة الطاقة النووية إلى مزيج الطاقة الذي تعتمد عليه مصر لإنتاج الكهرباء يكتسب أهمية حيوية، للوفاء بالاحتياجات المتنامية من الطاقة الكهربائية اللازمة لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ ويسهم في زيادة الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة؛ بما يحقق الاستدامة البيئية والتصدي لتغير المناخ.
من جهته، صرّح الرئيس الروسي بأن محطة الضبعة النووية تعد أهم المشاريع بين مصر وروسيا وستعزز مجال الطاقة.