حوارات

حوار خاص لبوابة الشروق نيوز مع الاعلاميه اللبنانيه “دارين شاهين”

حوار : محمود درويش 

الإعلامية دارين شاهين في حوار لبوابة الشروق نيوز :

 التنمر الإلكتروني من أكبر مشاكل الشهرة

 

تردد قلمي كثيراً قبل الكتابة عن ضيفة هذا الحوار، فهي شخصية يصعب بالفعل وصفها من خلال الكلمات، وبعد محاورتها زاد الأمر تعقيداً، فهي إعلامية إنسانية من الطراز الأول، تتأثر كثيرا بالأحداث المحيطة وتؤثر في المشاهدين بأدائها الواقعي الطبيعي، تفضل البرامج التي تلامس القصص الإنسانية دون استغلال لها، تستعرض حكاياتها بكل احترام لكرامة أصحابها وتجاربهم، وعلى الجانب الآخر من الكاميرا نجد تلك الشخصية المرحة وربما الساخرة الحاضرة دائماً على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل جمهورها.

التواضع هو مفتاح نجاحها وسر حضورها القوي على الشاشة، فهي كالاسفنجة، تستفيد وتكتسب من كل ما هو حولها، وتلك الصفة الإنسانية قدمتها لها الجديد كهدية لانضمامها للقناة، فباتت إعلامية إنسانية، طبيعية ومتواضعة.

إنها المذيعة اللبنانية الرائعة قلبا وقالبا دارين شاهين، عملت دارين سابقاً في قناة فرانس24. وهي خرّيجة كلية الإعلام من الجامعة اللبنانية، وحائزة على ماجيستير في الإعلام من جامعة البلمند في لبنان، وعلى ماجيستير في الجيوسياسة من المعهد الفرنسي للجيوسياسة التابع لجامعة باريس 8.

 

الإعلامية دارين شاهين، وحوار من القلب للقلب، وإلى تفاصيل اللقاء…

 

– في البداية كيف تحبين تقديم نفسك لمتابعات وقراء جميلة؟

أنا إنسانة، أخطئ كثيراً وأصيب قليلاً، لكن أتعلّم من أخطائي. حالمة بعالم أفضل ومثالي، ومؤمنة بقدرتنا نحن النساء على تحقيق هذا الحلم. حساسة ودمعتي على خدّي، وتعلّمت أنّ ذلك قوّةً وليس ضعفاً في عالم عمه المشاعر.

 

– كمقدمة برامج معروفة في محطة مشهورة، هل الأمر نعمة أم مصدر متاعب ؟

إنها مسؤولية كبيرة. فعليكِ في كلّ لحظة احترام عقل المشاهد وذكائه، نقل اهتماماته والتعبير عنها بحيادية دون أن تعكسي مواقفك وآراءك الشخصية. حتى استيعابك للأمور، ليس مسموحاً أن يكون مبنياً على تجربتك الشخصية. عليكِ دائماً أن تكوني متابعة لأفكار الآخرين وهمومهم وأن تضعي نفسك مكانهم كي تنقلي تساؤلاتهم ومخاوفهم. الشهرة ضمن هذه المسؤوليات سلاح ذو حدّين، فهي تفتح لك باب التواصل المباشر مع المتابعين لرصد هذه الاهتمامات.

قبل مواقع التواصل الاجتماعي كنّا نتكهّن أسئلة الناس، أما الآن فنتلقاها منهم مباشرة. ومن جهة المتاعب، فقد يكون التنمر الإلكتروني من أكبر مشاكل الشهرة. ليس لأنها تؤثر عليّ شخصياً، بل لأنها تمسّ الأقارب أحياناً. عندما أتعرّض لحملة إلكترونية شرسة دائماً أفكّر بابني، لو ربنا أخذ حياتي قبل أن تسنح لي الفرصة أن أشرح له عن التنمر وعن التلفيقات، ترى ماذا سيفكّر عندما يكبر ويبحث يوماً عن اسمي ويرى سيل الشتائم مثلاً؟ من مصادر المتاعب أيضاً، خصوصاً عندما تعملين في الجديد، هي المخاوف من المضايقات في بعض الدول، يعني هناك دول حتماً شطبناها من لائحة الدول التي يمكن أن نزورها بسبب تعرّضهم للصحفيين وتحديداً صحفيي الجديد. 

 

من الأشخاص الأكثر تأثيراً في حياتك ؟ ومن مثلك الأعلى في الوسط الإعلامي؟

وصفني أحد أساتذتي مرّة بأنّني كالاسفنجة، أستفيد وأكتسب من كلّ ما هو حولي، لا أعتقد أنّني أستطيع أن أحدّد عدد الأشخاص الذين أثروا في حياتي ضمن هذه المساحة. كل شخص يعبر طريقنا يؤثر فينا بطريقة ما. والأكثر تأثيراً هم أولئك الذين يمنحونك لطفاً في لحظات الضيق، ودعماً في لحظات الخوف. أما عن مثلي الأعلى في الوسط الإعلامي، ربما كريستيان أمانبور ليس فقط لأنها امرأة، بل لأنها امرأة من أصول مهاجرة نجحت في فرض نفسها في عالم السياسة وفي الإعلام الغربي.

 

– حدثينا عن تجربتك الإعلامية مع فرانس 24 وصولا إلى قناة الجديد وماذا أضافت لك كل منصة ؟

فرانس 24 هي القناة التي تعلّمت فيها الكثير، بدأت فيها متدربة كمساعدة رئيس تحرير ثم انتقلت للعمل كصحافية وأغرمت بالمونتاج، ثم قمت بإعداد قراءة الصحف وهي عالم بحدّ ذاته يعلّمك رصد الأجندات، والتيارات المختلفة، ويثري المعرفة. بعدها انتقلت لتقديم الأخبار. هي القناة التي منحتني كلّ الفرص، لتلتقفني الجديد بعدها. علّمتني التواضع قليلاً، إذ كانت نقلة من قناة يافعة بكوادر شباب أكثر، إلى امبراطورية ومدرسة في الإعلام فيها كوادر لهم باع في تاريخ الإعلام. بمعنى أنه يمكنني تشبيه التجربة بالزراعة، الأولى غرست فيّ المهنة والثانية قلّمتني وهندمتني أكثر. وبعد 5 أعوام، الجديد منحتني حلم حياتي المهنية وهو برنامجي الخاص بالطريقة التي لطالما حلمت بتقديمها.

 

ما مدى أهمية الإعلام الرقمي بالنسبة للإعلامي وخاصة أنك مدونة نشطة على وسائل التواصل الاجتماعي؟

الإعلام الرقمي بات جزءاً لا يتجزأ من عملنا. قبل بضعة أعوام نشر رئيس نيويورك تايمز تعليمات بألا يتمّ قبول أي موظف لا يمتلك حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وشرح القرار بأنّه من جهة عليه أن يكون منصة للترويج للمحتوى الذي يقدّمه، ومن جهة عليه أن يستخدمها لرصد الشارع. بالنسبة لي، هي ليست جزءا من الوظيفة وحسب. فأنا كنت أدوّن قبل أن أدخل مجال الصحافة، هي مساحة للتعبير عن النفس، خارج حدود الوظيفة اياً كانت.

 

– فقد الإعلام العربي بريقه، مما دفع المشاهد إلى تغيير وجهته نحو الإعلام الغربي والرقمي … كيف ترين واقع إعلامنا العربي اليوم؟

قد يكون الإعلام فقد بريقه لفترة، لكنّ هذه الهجرة نحو الإعلام الرقمي دفعته للتجدّد ولمواكبة التكنولوجيا. في بداية الانترنت كانوا يقولون إنّها نهاية الصحافة المكتوبة، لكنّه كان قبلة الحياة للكثير من الصحف التي استفادت من هذه المنصة واستقطبت قراءً جدداً من شتّى أنحاء العالم. وأعتقد أن الإعلام العربي تجدّد في العامين الماضيين، واستفاد من تجارب الصحافة الغربية، ويستعيد بريقه تدريجياً وإلكترونياً. الجزيرة مثلاً حققت ارتفاعاً في نسب المشاهدة عبر الانترنت بشكل ملحوظ في العامين الماضيين. وهذا التغيّر في الساحة الإعلامية وفي طبيعة المشاهد أنتج مجموعة برامج جديدة منها برنامج «عن السينما» مثلاً الذي يختلف كثيراً عمّا اعتاد الجدبد تقديمه. برنامج «تأملات» وهو عن اللغة العربية بمعنى أنّه لا يخرج عن طبيعة محتوى الشاشة، لكن تمّ انتاجه بصيغة مواكبة للعالم الرقمي. فهذا التغيير انعكس على صناعتنا للمحتوى لنواكب المنصتين ونكسب المشاهدين على الجانبين.

 

-ما هي حدود الحرية الإعلامية التي تتمتع بها دارين شاهين في قناة «الجديد»؟

عالية جداً. لكن جمهور الجديد أقسى بحدوده من القناة.

 

– نبارك لكِ البرنامج النسائي الجديد «بكسر التاء» النوعي كما عودتنا الجديد، حدثينا أكثر عن فكرة البرنامج والهدف من ورائه خاصة أن البرنامج من إعدادك وتقديمك.

الله يبارك فيكِ. «بكسر التاء» هو صوتكِ أنتِ وقصتكِ كما تريدينها أن تُروى، باحترام لرأيك ولما عشته، بدون أحكام، وبدون استعطاف. البرنامج عن النساء وليس للنساء فقط. فكرته تقوم على حوار بشكل مجموعة دعم، مساحة آمنة لتداول القصص الشخصية والتجارب دون أحكام أو جدل من زاوية المرأة التي تعيش كل ما يعيشه الرجل العربي من واقع، لكن لا نسمع صوتها كثيراً. مع أن المرأة العربية امرأة قوية تناضل في كلّ ثانية من حياتها سواء كانت ربة منزل أو عاملة في الحقل أو مهندسة. عندما يختار الرجال الحرب، هي أوّل من يدفع الثمن وهي التي تضمن استمرارية الحياة لعائلتها بينما يقاتل الرجال. عندما تجوع العائلة ولا يجد الرجل لقمة عيش، يقع على عاتقها إيجاد البدائل. طريقة الحوار الخالية من الجدل، استوحيتها من المشاكل التي برزت عقب الربيع العربي من سوء فهم للآخر، ومن عدم تقبّل للاختلافات في الآراء والتجارب. نحن مختلفون، ويمكن أن نعيش الحدث نفسه بتجارب مختلفة كلياً. والقصص كما نعيشها هي التي تغيّرنا وتشكّل مواقفنا وآراءنا. واختلافاتنا صحية ومثرية ولا تنتقص من أي منا. أختار نساء تخطّين المشكلة التي نستعرضها، لأن الهدف ليس عرض المرأة بدور الضحية، بل عرض نضالها مهما كان بسيطاً، لتكون ملهمةً لغيرها. يتناول البرنامج مواضيع مختلفة من السياسة والحرب إلى الشيخوخة والأمومة.

 

هل للبرنامج التليفزيوني برأيك عمر محدد؟ وما ملامح البرنامج الناجح؟

بعض البرامج تحكمها مواضيعها. كلّما ضيّقت زاويته، كلّما حكمتك المواضيع. يعني برنامج عن تاريخ الحضارات سيستمر أطول من برنامج عن تاريخ الحرب الأهلية في لبنان مثلاً. البرنامج الناجح برأيي هو الذي يترك أثراً، وليس بالضرورة الذي يستمرّ وقتاً أطول. فالبرامج مساحة للعمق أكثر من الأخبار، هي المساحة التي يمكن أن تغوص في القصص أكثر وتسمح لك باستخراج العبر ودروس الحياة.

 

– في أي نوع من البرامج تجدين نفسك؟

في برنامجي. النوع الذي يلامس القصص الإنسانية دون استعراض، ودون استغلال لها، بكل احترام لكرامة الأشخاص ولتجاربهم.

 

– كيف تصفين العمل داخل الجديد والعلاقات التي تحكم كوادرها؟

عندما يُطرح عليّ هذا السؤال أتذكّر دائماً أوّل يوم لي داخل الجديد. كنت أتوقّع أنّ الجميع جدّي للغاية وعابسون طول الوقت، هكذا توحي لنا الأخبار. ولكن فوجئت بروح الفكاهة التي تسود المكان، وهناك الكثير من المودّة والألفة بين الزملاء. أنا أعتبر نفسي محظوظة بالعلاقات الطيبة مع الجميع، نحن فعلاً عائلة كبيرة. قد نختلف أحياناً في الآراء كأي عائلة، لكن الجميل في الجديد مقارنة بغيرها من القنوات، أنّه يمكننا النقاش بكامل الحرية، والانتقاد، فالهدف الذي يجمعنا جميعاً هو تطوير الشاشة وتقديم ما هو أفضل وليس الولاءات والطاعة. وهذه قوّة الجديد الحقيقية، هذا التنوّع الذي يقوّي محتواها.

 

– كيف تتعاملين الآن مع أحداث لبنان الأخيرة؟

بأمل وخوف. الأمل أن ينجح الشارع في الخروج بآلية تقوّض الفساد وتسترجع أموال الدولة وتحسّن الوضع المعيشي للناس. والخوف من التعقيدات الكثيرة التي تحكم لبنان، من طائفية وحزبية وفساد. لكن بالنسبة لي لو ركّز الجميع على الفساد ومحاربته والخروج بآلية للمحاسبة والشفافية سيكون أكبر انتصار، وبداية لطريق جديد في بناء مؤسسات الدولة. المشكلة أنّ عملية البناء هذه تحتاج للكثير من الوقت، والناس في مرحلة من الأزمات المعيشية التي تصعّب عليهم الصبر.

 

– ما أكثر مشهد لن تنساه روعة خلال سنوات عملها بالجديد؟

عندما تمّ تهجير السوريين المحاصرين في الغوطة الشرقية، كنت على الهواء مع مراسلنا الذي كان محاصراً هناك وخرج ضمن القافلات، كمّ المشاعر بين خيبة الأمل وبين الحسرة على بيوتهم والخوف من المجهول، مع بعض الارتياح لخلاصهم من القصف والحصار.

 

– ما هي معايير المذيعة الناجحة من وجهة نظرك؟

التواضع للاستمرار في التعلّم كلّ يوم، ومتابعة الأحداث بشكل يومي.

 

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

أن أحظى بيوم إجازة، حالياً أعمل على الحلقات المقبلة من «بكسر التاء»، أطمح للدخول في مجال التعليم، والعودة للكتابة، ما إن يسمح الوقت.

 

بماذا تنصحين خريجات كليات الإعلام ومن يتمنى دخول الساحة الإعلامية العربية ؟

المتابعة اليومية للأخبار، تطوير المهارات المتعددة فنحن في زمن صحافة الموبايل، وتوظيف منصات التواصل لعرض أعمالهنّ ومهاراتهنّ سواء من صناعة الفيديوهات أو من المقالات، مع ضرورة الالتزام بأخلاقيات المهنة وبمواثيق الشرف.

 

الوجه الآخر

– إلى أي مدى تختلف شخصية دارين شاهين، المذيعة، عنها خلف الكاميرا؟

أنا صدقاً على طبيعتي أمام الكاميرا. لكن ما يختلف هو المواضيع التي تفرض عليكِ الجدّية. ما لا يراه المشاهد هو الجانب الآخر من شخصيتي، الجانب المرح وربما الساخر، لكن مواقع التواصل تقوم بالواجب. فلكلّ مقام مقال، ففي اجتماع العمل أنا حتماً مختلفة عما أكونه في حديث مع ابني البالغ من العمر 3 سنوات.

 

– في أوقات الفراغ، ما هي هوايتك المفضلة؟

القراءة وسماع الموسيقى والمشي والرقص.

 

– حدثينا عن دارين الأمومة.

أحاول أن أكون أماً ناجحة في تربية طفلها. التوازن في التربية مسؤولية كبيرة خصوصاً أن ابني وحيد، أريده أن يكون قوي الشخصية دون أن يكون مستبداً، أن يحبّ نفسه دون أن يكون أنانياً، أن يحترم الآخرين دون أن يقلّل من شأنه، أن يحترم المرأة، أن يكون سعيداً دون أن يفاجأ بما يجري في العالم. قمة سعادتي كانت الأسبوع الماضي عندما سألته عن صديقه المفضّل في المدرسة. فأجابني: «ماما»، سأحتفظ بهذه الجملة في ذاكرتي كأكبر إنجاز في حياتي.

 

– ما هي علاقتكِ بالعطور الشرقية؟ وما هو عطركِ المفضل؟

في العطور الشرقية أحبّ المسك والعنبر. عطوري المفضلة هي التي ترتكز على الزهور البيضاء.

 

– ما هو استايلكِ في المكياج؟

اللا مكياج، غالباً لا أحبّ نفسي بالمكياج، أعتبره جزءاً من أدوات المهنة، ولا أضع المكياج إلا في المناسبات. أفضّل الألوان الترابية، والاستايل الناعم الطبيعي قدر الإمكان.

 

– ما هي ألوانكِ المفضلة بالنسبة للأزياء؟

الزيتي والأبيض والأحمر وطبعاً ملك الألوان الأسود.

 

– وما هو كتابك المفضل؟

لا يوجد كتاب واحد. لكل مرحلة مزاج وكتاب. ربما من الروايات «قواعد العشق الأربعون»، «موسم الهجرة إلى الشمال»، «الغريب»، «الأحمر والأسود»، «القوقعة»، «طيور الهوليداي إن»، أشعر أنني أغفل روايات أخرى أثرت فيّ لكن لا أذكرها الآن.

 

-ما هو الشيء الذي لا تستغنين عنه في حقيبتك؟

هاتفي بالطبع، وزيت الياسمين.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى