![](https://www.elshorouk-news.com/wp-content/uploads/2025/02/IMG_2490-515x470.jpeg?v=1738898279)
إصدار كتاب “الأوجه المتعددة للعولمة في مصر” للدكتور حامد عبد الرحيم عيد: رؤية تحليلية واستشرافية
أصدر المجلس الأعلى للثقافة حديثًا كتاب “الأوجه المتعددة للعولمة في مصر”، وهو الكتاب السابع للدكتور حامد عبد الرحيم عيد، الذي يأتي ضمن اهتماماته البحثية حول قضايا الجامعة والتعليم العالي، إلى جانب استكشافاته المستمرة في تأثيرات العولمة على الواقع المصري.
يمثل هذا الكتاب إضافة جديدة في النقاش الأكاديمي حول تاريخ العولمة في مصر وتأثيراتها المتعددة، حيث يقدم رؤية تحليلية تاريخية واستشرافية حول تطور العولمة في مصر منذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا، مع التركيز على انعكاساتها على الجامعات المصرية ومستقبل التعليم العالي.
استكشاف جذور العولمة في مصر القديمة
يبدأ الكاتب رحلته في البحث عن العولمة المصرية من خلال الغوص في عمق التاريخ، حيث يتتبع أصول العولمة في مصر القديمة، والتي كانت مركزًا للحضارة والتفاعل العالمي منذ آلاف السنين.
يتناول الكتاب اتصالات مصر بالعالم الأدنى القديم، ومدى تأثر مدنها التاريخية مثل الإسكندرية وأثينا بالحركة التجارية، والفكرية، والثقافية العابرة للحدود، ما يعكس أن العولمة ليست ظاهرة حديثة بل تمتد جذورها إلى العصور القديمة.
من خلال هذه المقاربة، يستعرض المؤلف كيف شكلت التفاعلات القديمة بين مصر والعالم المحيط إرثًا حضاريًا غنيًا، يقدم دروسًا قيمة لفهم التحديات المعاصرة والتعامل مع تعقيدات العولمة في القرن الحادي والعشرين.
التعليم العالي في مصر: بين تحديات العولمة ورهانات المستقبل
يضع الكتاب التعليم العالي في مصر عند مفترق طرق حاسم في ظل تسارع العولمة، حيث يطرح خريطة طريق لمستقبل الجامعات المصرية خلال الخمسين عامًا القادمة.
يؤكد الكاتب أن التعليم العالي بحاجة إلى استراتيجيات مستدامة تمكنه من التكيف مع العولمة دون أن يفقد هويته الوطنية وأهدافه الأساسية.
لكن في ظل ما يسميه الكاتب بـ “العولمة الجامحة”، التي يغذيها الاستثمار الخاص والإصلاحات النيوليبرالية، يحذر من أن هذه التحولات قد تؤدي إلى إضعاف الدور التقليدي للجامعات المصرية، مما يهدد بطمس هويتها الثقافية ويؤثر على رسالتها الأكاديمية في تعزيز التنمية البشرية والقيم الديمقراطية.
وهنا، يدعو الكاتب إلى تبني نموذج جديد للجامعات يحافظ على توازن دقيق بين التحديث والانتماء الوطني.
نحو “جامعة الجيل الثالث”: التكنولوجيا والابتكار في قلب التعليم
من بين القضايا المحورية التي يناقشها الكتاب، هو ظهور نموذج “جامعة الجيل الثالث”، الذي يعتمد على التكنولوجيات المتقدمة لدعم الطلاب، وكسر الحواجز الجغرافية، وتعزيز بيئة الإبداع والابتكار.
وفقًا لهذا النموذج، لم تعد الجامعات تقتصر على نقل المعرفة التقليدية، بل أصبحت بيئات ديناميكية تتبنى التكنولوجيا الرقمية، وتستخدم الذكاء الاصطناعي، وتُشجع على ريادة الأعمال والابتكار.
كما يطرح الكاتب أهمية اقتصاد المعرفة، حيث يؤكد أن الجامعات الحديثة يجب أن تلعب دورًا فعالًا في تحفيز الاقتصاد الوطني من خلال إنتاج الأبحاث العلمية القابلة للتطبيق، ودعم الشركات الناشئة، وتعزيز الابتكار الصناعي.
الجامعات والاستدامة: دور التعليم في بناء اقتصاد دائري
من بين الجوانب المهمة التي يناقشها الكتاب أيضًا، هو دور الجامعات في بناء اقتصاد دائري ومستدام، حيث يؤكد المؤلف أن الجامعات لا ينبغي أن تقتصر على إنتاج المعرفة فحسب، بل عليها أن تكون قاطرة للتنمية المستدامة والمجتمعية.
ويتناول في هذا السياق مبادرات الاستدامة المتطورة داخل الجامعات، والتي تسعى إلى تحويل الجامعات إلى نماذج للرعاية البيئية، عبر تطبيق مبادئ التنمية المستدامة، والتوسع في المشروعات البيئية، وتعزيز الوعي بأهمية الاستدامة لدى الطلاب والمجتمع.
استنتاجات وتوصيات: العولمة والتعليم العالي في مصر
يقدم كتاب “الأوجه المتعددة للعولمة في مصر” قراءة نقدية واستشرافية لواقع العولمة وتأثيراتها على التعليم العالي، حيث يتطرق إلى الجوانب التاريخية، الاقتصادية، والثقافية التي شكلت تجربة مصر مع العولمة عبر العصور.
أبرز ما يقدمه الكتاب من رؤى واستنتاجات:
✔ العولمة ليست ظاهرة جديدة، بل تمتد جذورها إلى مصر القديمة، مما يعني أن استجاباتنا لها يجب أن تكون مستندة إلى التجربة التاريخية.
✔ التعليم العالي في مصر يواجه تحديات كبيرة في ظل العولمة، لكنه في نفس الوقت يمتلك فرصة كبيرة لإعادة تعريف دوره في المستقبل.
✔ ضرورة تطوير نموذج “جامعة الجيل الثالث”، الذي يعتمد على التكنولوجيا الحديثة، ويعزز الإبداع، ويتكامل مع الاقتصاد الوطني.
✔ التحذير من التأثيرات النيوليبرالية التي قد تؤدي إلى فقدان الجامعات المصرية لدورها التقليدي في تعزيز الهوية الوطنية والقيم الديمقراطية.
✔ أهمية دمج الاستدامة في سياسات الجامعات، ودورها في بناء اقتصاد دائري يعزز من التنمية المجتمعية.
ختامًا: لماذا يعد هذا الكتاب مهمًا اليوم؟
في ظل تصاعد النقاش حول تحديات العولمة وتأثيراتها المتنوعة على مصر، يأتي هذا الكتاب ليقدم رؤية شاملة ومتعددة الأبعاد حول هذا الموضوع الحساس. فهو لا يتناول فقط العولمة من منظور نظري، بل يقدم تحليلًا عمليًا لكيفية تأثيرها على التعليم العالي، ودور الجامعات في المستقبل.
بفضل أسلوبه التحليلي العميق، واستناده إلى رؤية تاريخية واستشرافية، يمثل هذا الكتاب إضافة قيمة إلى المكتبة العربية، حيث يعزز من النقاش حول التعليم العالي في مصر، ويدفع صناع القرار إلى التفكير في سياسات أكثر استدامة في ظل العولمة المتسارعة.
الكتاب متوفر الآن في جناح المجلس الأعلى للثقافة، وينتظر قراءه لاستكشاف الأوجه المختلفة للعولمة في مصر، وتأثيراتها الممتدة على الأجيال القادمة.