اليوم الإعلامي للإذاعة: رحلة زمنية من البث اللاسلكي إلى العصر الرقمى
![](https://www.elshorouk-news.com/wp-content/uploads/2025/02/CC3630B7-F6E1-41CB-8D50-A868E4CCA74B-780x470.webp)
اليوم الإعلامي للإذاعة: رحلة زمنية من البث اللاسلكي إلى العصر الرقمى
كتب د. وائل بدوى
اليوم الإعلامي للإذاعة هو مناسبة سنوية يتم الاحتفال بها في العديد من دول العالم، بهدف تسليط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه الإذاعة في تشكيل وعي المجتمعات، ونقل المعلومات، وتعزيز الحوار الثقافي والاجتماعي. تُعتبر الإذاعة من أقدم وسائل الإعلام الجماهيرية، ورغم التطور التكنولوجي الهائل وظهور وسائل الاتصال الحديثة، إلا أنها لا تزال تحافظ على مكانتها كوسيلة مؤثرة تصل إلى مختلف فئات المجتمع، في الحضر والريف، وحتى في الأماكن النائية.
الإذاعة ليست مجرد وسيلة لنقل الأخبار أو تقديم الترفيه، بل هي أداة قوية لتوعية الجمهور بالقضايا الهامة، وتقديم برامج تثقيفية وتعليمية تسهم في تنمية المجتمعات. فهي قادرة على الوصول إلى الفقراء والأميين الذين قد لا يستطيعون التعامل مع وسائل الإعلام المكتوبة أو الإلكترونية، مما يجعلها وسيلة إعلامية ديمقراطية بامتياز، تعزز الحق في المعرفة والوصول إلى المعلومات.
يُعد اليوم الإعلامي للإذاعة فرصة لتقدير جهود العاملين في هذا المجال، من مذيعين، وصحفيين، ومنتجين، وفنيين، الذين يسهرون على تقديم محتوى هادف يخدم المجتمع. كما أنه مناسبة لتشجيع الابتكار في البرامج الإذاعية، والبحث عن أساليب جديدة لجذب المستمعين، وخاصة الشباب، في ظل المنافسة الشديدة من وسائل الإعلام الرقمية.
تلعب الإذاعة أيضًا دورًا مهمًا في الحفاظ على الهوية الثقافية للشعوب، من خلال بث البرامج باللهجات المحلية، وعرض التراث الشعبي، وإبراز القيم والتقاليد المجتمعية. كما أنها منبر لتبادل الأفكار والآراء، وتعزيز قيم التسامح والحوار، خاصة في المجتمعات التي تعاني من النزاعات أو الانقسامات.
وفي الأزمات والكوارث الطبيعية، تثبت الإذاعة أنها وسيلة إعلامية لا غنى عنها، حيث توفر معلومات سريعة ودقيقة تساعد المواطنين على اتخاذ القرارات المناسبة، وتحافظ على التواصل بين السلطات والمجتمع.
لذلك، يُعد اليوم الإعلامي للإذاعة مناسبة للتأكيد على أهمية دعم هذا القطاع الحيوي، وتطويره بما يتماشى مع تطورات العصر، مع الحفاظ على رسالته الأساسية في خدمة المجتمع، ونقل الحقيقة بمهنية وحيادية، ليبقى صوت الإذاعة دائمًا صدى للواقع، ومنبرًا للحقيقة.
كما يُمثل اليوم الإعلامي للإذاعة أيضًا محطة مهمة للتفكير في التحديات التي تواجه هذا القطاع في العصر الرقمي، حيث باتت الإذاعة تنافس منصات البث الرقمي، والبودكاست، ووسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت تجذب جزءًا كبيرًا من الجمهور، خاصة من فئة الشباب. لذلك، أصبح لزامًا على المؤسسات الإذاعية أن تواكب هذه التحولات، عبر تطوير المحتوى، واعتماد تقنيات البث الرقمي، وإنشاء تطبيقات تتيح للمستمع متابعة برامجه المفضلة في أي وقت ومن أي مكان.
من جهة أخرى، يُلقي هذا اليوم الضوء على قضية حرية التعبير وحماية الصحفيين والإعلاميين العاملين في مجال الإذاعة، خصوصًا في المناطق التي تعاني من النزاعات، أو الأنظمة المقيدة لحرية الإعلام. فالإذاعة، بوصفها صوت الشعوب، يجب أن تظل منبرًا حرًا ومستقلًا، يتيح للجميع التعبير عن آرائهم، ونقل الحقيقة بعيدًا عن التزييف والضغوط.
كذلك، يُشكل اليوم الإعلامي للإذاعة مناسبة لتكريم الإذاعات المحلية، التي تُعد صوت المجتمعات الريفية والنائية، حيث تعكس هذه الإذاعات قضايا الناس اليومية، وتنقل مشاغلهم وهمومهم، وتسهم في تحقيق التنمية المحلية. فهي ليست مجرد وسيلة إعلامية، بل شريك أساسي في البناء المجتمعي، وتحقيق التنمية المستدامة.
وفي ظل تزايد الاهتمام بقضايا البيئة والتنمية، أصبح للإذاعة دور متعاظم في التوعية بمخاطر التغير المناخي، وحماية الموارد الطبيعية، وتشجيع السلوكيات البيئية السليمة. من خلال برامج توعوية، يمكن للإذاعة أن تغير أنماط التفكير، وتساهم في خلق وعي جماعي بأهمية الحفاظ على البيئة.
و خط زمني لتطور الإذاعة عبر التاريخ:
1887: اكتشاف الموجات الكهرومغناطيسية من قبل العالم الألماني هاينريش هيرتز.
1895: نجاح العالم الإيطالي غولييلمو ماركوني في إرسال أول إشارة لاسلكية عبر الهواء.
1901: ماركوني ينقل أول إشارة عبر المحيط الأطلسي باستخدام الموجات اللاسلكية.
1920: انطلاق أول محطة إذاعية رسمية في العالم (KDKA) في بيتسبرغ، الولايات المتحدة الأمريكية.
1925: بداية البث الإذاعي المنتظم في بريطانيا من خلال هيئة الإذاعة البريطانية (BBC).
1934: تأسيس اتحاد الإذاعات الدولية لتعزيز التعاون بين المحطات الإذاعية.
1939 – 1945: الحرب العالمية الثانية، حيث لعبت الإذاعة دورًا محوريًا في نقل الأخبار والتحفيز الوطني.
1950: انتشار الإذاعات المحلية في مختلف الدول العربية، مثل إذاعة صوت العرب في مصر.
1970: ظهور البث الإذاعي عبر موجات الـFM، ما أدى لتحسين جودة الصوت.
1990: بداية البث الإذاعي الرقمي في بعض الدول.
2000: ظهور الإذاعات الإلكترونية (الإنترنت راديو) وانتشار البث عبر الإنترنت.
2010: انتشار تطبيقات الهواتف الذكية للاستماع إلى المحطات الإذاعية عالميًا.
2020 وما بعدها: الإذاعة تواصل التطور مع البث عبر الأقمار الصناعية والبودكاست والتكامل مع الذكاء الاصطناعي.
وفي الختام، يُعد اليوم الإعلامي للإذاعة تذكيرًا بأهمية هذه الوسيلة الإعلامية العريقة، التي كانت ولا تزال رفيقة الإنسان في كل مراحل تطوره. هو دعوة للحفاظ على هذا الإرث الإعلامي، وتطويره بما يتناسب مع معطيات العصر، حتى تبقى الإذاعة دائمًا “صوت من لا صوت له”، ومصدرًا موثوقًا للمعلومة، ومنبرًا لنشر الوعي والثقافة، في زمن تتسارع فيه وتيرة الأخبار والمعلومات.