الفالنتين في مصر: حينما يزهر الحب رغم الضغوط

الفالنتين في مصر: حينما يزهر الحب رغم الضغوط
كتب د. وائل بدوى
في الرابع عشر من فبراير من كل عام، تتحول شوارع مصر إلى لوحة فنية مرسومة باللون الأحمر، حيث تتزين واجهات المحلات بالورود والهدايا، وتنتشر الدباديب الكبيرة وعلب الشوكولاتة المزينة بالقلوب، إيذانًا ببدء احتفالات المصريين بعيد الحب أو “الفالنتين”. وعلى الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع الأسعار، إلا أن المصريين، كعادتهم، نجحوا في تحويل المناسبة إلى فسحة أمل وبهجة وسط روتين الحياة المرهق.
قد يظن البعض أن الظروف الاقتصادية الحالية ستجعل من الفالنتين مجرد ذكرى باهتة، لكن المشهد كان مختلفًا. فرغم الضغوط، شهدت الشوارع والمقاهي والمولات التجارية إقبالًا كبيرًا من الشباب والأزواج للاحتفال. في المناطق الشعبية، كان الحب أكثر بساطة؛ وردة حمراء، رسالة مكتوبة بخط اليد، أو هدية رمزية، تكفي لإدخال البهجة إلى قلب الحبيب. بينما في المناطق الراقية، أُقيمت حفلات عشاء خاصة، وزينت المطاعم بطاولات تحمل الورود والشموع.
لم تقتصر الاحتفالات على الواقع فقط، فقد لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا محوريًا في إبراز مشاعر الحب. امتلأت منصات “فيس بوك” و”إنستجرام” و”تيك توك” بصور الأزواج والمخطوبين، يشاركون متابعيهم لحظاتهم الرومانسية، ويستعرضون الهدايا التي تلقوها. البعض لجأ إلى الرسائل الرقمية المعبرة، أو مشاركة أغنيات رومانسية تعبّر عن مشاعرهم تجاه من يحبون.
هذا العام، ارتفعت الأصوات التي تدعو إلى الاحتفال بالحب بطرق بسيطة، بعيدًا عن التكلف والمغالاة. كثير من المصريين أكدوا عبر تعليقاتهم على مواقع التواصل أن “الكلمة الحلوة والاهتمام أهم من الهدايا الغالية”. حتى أولئك الذين لم تسمح ظروفهم بشراء هدايا ثمينة، صنعوا لحظاتهم الخاصة من خلال رسائل حب، أو تقديم وردة، أو قضاء وقت هادئ في المنزل.
ما يميز الفالنتين في مصر أنه لم يعد حكرًا على العشاق فقط، بل تحول إلى مناسبة للاحتفال بالحب بمفهومه الأوسع. كثير من الأصدقاء تبادلوا الهدايا، وأمهات تلقت ورودًا من أبنائها، وآباء وجدوا في هذه المناسبة فرصة للتعبير عن حبهم لأسرهم. حتى من لم يجد شريكًا يحتفل معه، وجد في “الفالنتين” فرصة لإظهار الحب لنفسه، والاهتمام بذاته.
سواء كان الاحتفال بتناول كوب شاي مع من تحب، أو عشاء في مطعم فاخر، أو حتى رسالة عبر تطبيق واتساب، أثبت المصريون أن الحب أقوى من أي ظروف. الفالنتين هذا العام كان احتفالًا بالأمل في ظل التحديات، ورسالة بأن الحياة تستمر، طالما أن في القلب مكانًا للحب.