تعليمتكنولوجيا

مصر ترسم خارطة المستقبل: إطلاق “السياسة الوطنية للابتكار المستدام” لتعزيز مكانتها عالميًا

مصر ترسم خارطة المستقبل: إطلاق “السياسة الوطنية للابتكار المستدام” لتعزيز مكانتها عالميًا

كتب د. وائل بدوى

في خطوة تعكس إدراك الدولة المصرية لأهمية الابتكار كقاطرة للتنمية الشاملة، أعلن الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، عن إطلاق “السياسة الوطنية للابتكار المستدام”، كجزء من الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، بهدف تحويل مصر إلى مجتمع معرفي مبتكر ومستدام، وتعزيز تنافسيتها على الصعيدين الإقليمي والدولي.

جاء الإعلان خلال جلسة حوارية نظمتها الوزارة بحضور رؤساء الجامعات والمراكز البحثية وقيادات حكومية، وممثلين عن قطاع الأعمال والصناعة، في إطار توجه الدولة نحو تعزيز الشراكة بين البحث العلمي والقطاعات الإنتاجية، بما يدعم الاقتصاد الوطني، ويعزز قدرة مصر على مواجهة التحديات المستقبلية.

أكد الدكتور أيمن عاشور في كلمته أن الابتكار لم يعد خيارًا، بل ضرورة تفرضها المتغيرات العالمية، مشيرًا إلى أن السياسة الجديدة تستهدف جعل مصر ضمن أفضل 50 دولة في مؤشر الابتكار العالمي بحلول عام 2030. وشدد على أن المرحلة المقبلة تتطلب إنتاج المعرفة وتصديرها، وليس الاكتفاء باستهلاكها، وهو ما يستدعي توظيف العقول المصرية المبدعة في بناء اقتصاد قائم على المعرفة.

وأشار الوزير إلى أن “السياسة الوطنية للابتكار المستدام” تستند إلى أربعة محاور رئيسة، تشمل: إتاحة المواهب، نقل التكنولوجيا، توفير التمويل، وتحسين بيئة العمل، وهي عناصر تمثل الركائز الأساسية لبناء بيئة حاضنة للابتكار. كما ترتكز السياسة على ثلاثة أبعاد مساندة، وهي: بناء قدرات البحث والتطوير، سد الفجوة بين البحث العلمي والتطبيق الصناعي، وتنمية قدرات الابتكار لدى الشباب.

وأوضح الدكتور أيمن عاشور أن الوزارة اعتمدت نهجًا تشاركيًا في صياغة هذه السياسة، حيث تم تشكيل لجنة رفيعة المستوى تضم ممثلين عن الحكومة والصناعة والجامعات، قامت بدراسة التشريعات القائمة، وتحليل نقاط القوة والضعف في منظومة الابتكار المصرية، إلى جانب الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة.

وخلال استعراضه لما تحقق من إنجازات، أشار الوزير إلى أن مصر تقدمت 10 مراكز في مؤشر الابتكار العالمي، حيث انتقلت من المرتبة 96 في عام 2020 إلى المرتبة 86 في عام 2024. كما أحرزت الجامعات والمراكز البحثية تقدمًا في التصنيفات الدولية، وظهر أكثر من ألف باحث مصري ضمن قائمة ستانفورد لأفضل الباحثين عالميًا. كما أصبحت مصر الأولى إفريقيًا والثالثة في منطقة الشرق الأوسط من حيث حجم الاستثمارات في الشركات الناشئة، وبرز إقليم القاهرة الكبرى ضمن أفضل التجمعات العلمية والتكنولوجية على مستوى العالم.

مصر ترسم خارطة المستقبل: إطلاق “السياسة الوطنية للابتكار المستدام” لتعزيز مكانتها عالميًا
مصر ترسم خارطة المستقبل: إطلاق “السياسة الوطنية للابتكار المستدام” لتعزيز مكانتها عالميًا

ونوه الوزير بأن هذه النجاحات لم تكن لتتحقق لولا دعم الدولة، ومبادرات مثل “بنك المعرفة المصري” و”Egyptian Knowledge Graph”، التي أسهمت في زيادة النشر الدولي للأبحاث المصرية، وربط الباحثين المصريين بشبكات البحث العلمي العالمية.

مصر ترسم خارطة المستقبل: إطلاق “السياسة الوطنية للابتكار المستدام” لتعزيز مكانتها عالميًا
مصر ترسم خارطة المستقبل: إطلاق “السياسة الوطنية للابتكار المستدام” لتعزيز مكانتها عالميًا

وأكد الدكتور أيمن عاشور أن الوزارة تسير وفق رؤية متكاملة لتطوير منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، تتضمن إنشاء الجامعات الأهلية والتكنولوجية، وتعزيز الشراكات الدولية، وتحفيز التعاون بين المؤسسات البحثية وقطاعات الصناعة، بما يضع مصر على خريطة مراكز البحث والابتكار إقليميًا.

مصر ترسم خارطة المستقبل: إطلاق “السياسة الوطنية للابتكار المستدام” لتعزيز مكانتها عالميًا
مصر ترسم خارطة المستقبل: إطلاق “السياسة الوطنية للابتكار المستدام” لتعزيز مكانتها عالميًا

واختتم الوزير كلمته بالتأكيد على أن “السياسة الوطنية للابتكار المستدام” تمثل التزامًا بتحقيق التنمية المستدامة، من خلال توجيه البحث العلمي نحو حلول عملية تخدم الاقتصاد والمجتمع، معربًا عن ثقته في أن هذه السياسة ستكون حجر الأساس لتحول مصر إلى مركز إقليمي للابتكار، قادر على المنافسة عالميًا، ومؤكدًا أن العقول المصرية قادرة على صناعة المستقبل.

مصر ترسم خارطة المستقبل: إطلاق “السياسة الوطنية للابتكار المستدام” لتعزيز مكانتها عالميًا
مصر ترسم خارطة المستقبل: إطلاق “السياسة الوطنية للابتكار المستدام” لتعزيز مكانتها عالميًا
مصر ترسم خارطة المستقبل: إطلاق “السياسة الوطنية للابتكار المستدام” لتعزيز مكانتها عالميًا
مصر ترسم خارطة المستقبل: إطلاق “السياسة الوطنية للابتكار المستدام” لتعزيز مكانتها عالميًا

كلمه المحرر

يشهد المشهد العلمي والاقتصادي في مصر تحولًا نوعيًا يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية الابتكار كقوة دافعة للتنمية المستدامة. إطلاق “السياسة الوطنية للابتكار المستدام” ليس مجرد إعلان رسمي، بل هو خطوة تعزز طموح مصر في التحول إلى مجتمع معرفي قادر على إنتاج المعرفة وتصديرها، وليس فقط استهلاكها.

ما يميز هذه السياسة هو أنها لا تقف عند حدود الشعارات، بل ترتكز على محاور عملية تشمل إتاحة المواهب، نقل التكنولوجيا، توفير التمويل، وتحسين بيئة العمل، وهي مقومات أساسية أثبتت التجارب الدولية أنها مفتاح نجاح أي منظومة ابتكارية.

التقدم الذي أحرزته مصر في مؤشر الابتكار العالمي خلال السنوات الأخيرة، وظهور نخبة من الباحثين المصريين في المحافل الدولية، يمثل شهادة نجاح للجهود المبذولة. ومع ذلك، تبقى التحديات قائمة، وأبرزها ضرورة تعزيز الربط بين البحث العلمي والقطاع الصناعي، لضمان أن تخرج الأفكار من المعامل إلى خطوط الإنتاج.

إن تحقيق مستهدفات هذه السياسة بحلول 2030، بوضع مصر ضمن أفضل 50 دولة في مؤشر الابتكار، يتطلب استمرارية في العمل، ودعمًا من كافة الأطراف: الدولة، القطاع الخاص، والمؤسسات الأكاديمية. المستقبل تصنعه العقول المبتكرة، ومصر اليوم تؤسس بقوة لهذا المستقبل.

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى