مصر وقبرص تدشنان مرحلة جديدة من التعاون في الغاز الطبيعي: توقيع اتفاقيتين لتنمية الاكتشافات القبرصية باستخدام البنية التحتية المصرية

مصر وقبرص تدشنان مرحلة جديدة من التعاون في الغاز الطبيعي: توقيع اتفاقيتين لتنمية الاكتشافات القبرصية باستخدام البنية التحتية المصرية
كتب د. وائل بدوى
في خطوة تعزز مكانة مصر كمركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز الطبيعي في منطقة شرق المتوسط، شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، ونظيره القبرصي نيكوس كريستودوليديس، اليوم بالقاهرة، مراسم توقيع أول اتفاقيتين بين البلدين لبدء تنمية الاكتشافات القبرصية للغاز الطبيعي، وذلك في افتتاح فعاليات مؤتمر ومعرض مصر الدولي للطاقة “إيجبس 2025”.
تأتي هذه الاتفاقيتان في إطار استراتيجية وزارة البترول والثروة المعدنية، الهادفة إلى تحويل مصر إلى مركز محوري لتجارة وتصدير الغاز، مستفيدة من موقعها الجغرافي المتميز، والبنية التحتية المتطورة لتسييل الغاز، التي تتيح استقبال الغاز المنتج من حقول شرق المتوسط، سواء للاستهلاك المحلي، أو إعادة تصديره إلى أوروبا، لتصبح مصر حلقة وصل رئيسية في تأمين احتياجات الطاقة لدول المنطقة وأوروبا.
تم توقيع الاتفاقية الأولى بين كل من:
•المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية المصري.
•السيد جورج باباناستاسيو، وزير الطاقة والتجارة والصناعة القبرصي.
•المهندس كلاوديو ديسكالزي، رئيس شركة “إيني” الإيطالية.
أما الاتفاقية الثانية فقد وقعها:
•المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية.
•السيد جورج باباناستاسيو، وزير الطاقة والتجارة والصناعة القبرصي.
•السيد كلاي نيف، رئيس شركة “شيفرون” العالمية لأنشطة الاستكشاف والإنتاج.
وتعد هاتان الاتفاقيتان نقطة انطلاق فعلية لتطوير الاكتشافات الغازية القبرصية، بما يعزز التعاون الثنائي بين مصر وقبرص في مجال الطاقة، ويفتح آفاقًا أوسع لتحقيق التكامل الإقليمي في استغلال موارد الغاز الطبيعي. كما تؤكد هذه الخطوة مكانة مصر كوجهة رئيسية لاستقبال غازات شرق المتوسط، ومعالجتها وتسييلها، ثم تصديرها للأسواق الأوروبية، بما يسهم في تحقيق أمن الطاقة في المنطقة.
تندرج هذه الاتفاقيتان في إطار رؤية مصر لتعظيم الاستفادة من موقعها الجغرافي وبنيتها التحتية، لتحقيق مكاسب اقتصادية واستراتيجية، حيث باتت محطات تسييل الغاز المصرية في إدكو ودمياط، بمثابة منصة إقليمية لاستقبال ومعالجة الغاز المنتج من حقول شرق المتوسط، ثم تصديره إلى أوروبا، التي تبحث عن مصادر طاقة بديلة ومستقرة، في ظل التحولات الجيوسياسية التي يشهدها العالم.
تمثل هذه الاتفاقيتان تتويجًا لمسار التعاون المشترك بين البلدين، الذي تعزز خلال السنوات الماضية من خلال المنتدى الإقليمي لغاز شرق المتوسط (EMGF)، الذي أصبحت مصر مركزًا محوريًا فيه، حيث لعب المنتدى دورًا أساسيًا في تنسيق السياسات الإقليمية، ودفع جهود التعاون بين الدول المنتجة والمستهلكة للغاز، فضلًا عن الشركات العالمية العاملة بالمنطقة.
بحسب تصريحات مسؤولي البلدين، فإن هذه الاتفاقيتين تمثلان خطوة أولى، بينما تستمر المفاوضات لجلب المزيد من الغاز القبرصي إلى مصر، بما يعزز طموح القاهرة لتوسيع شبكة التعاون مع دول شرق المتوسط، وتحقيق الاستفادة المثلى من الموارد الطبيعية، سواء من خلال الاستهلاك المحلي، أو إعادة التصدير، وهو ما يسهم في دعم الاقتصاد المصري، ورفع معدلات النمو، وجذب الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة.
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال افتتاح مؤتمر “إيجبس 2025”، أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو تعزيز موقعها كدولة محورية في مجال الطاقة، مشيرًا إلى أن قطاع البترول والغاز الطبيعي يعد أحد أهم ركائز التنمية الاقتصادية، ويشكل نموذجًا ناجحًا للشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، والشركات العالمية.
كما أشاد الرئيس القبرصي، نيكوس كريستودوليديس، بالعلاقات الوثيقة التي تجمع بلاده بمصر، مشيرًا إلى أن هذه الاتفاقيات تعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، ورغبة الجانبين في تعزيز التعاون في قطاع الطاقة بما يحقق المصالح المشتركة، ويدعم الاستقرار والتنمية في المنطقة.
أعرب ممثلو شركتي “إيني” الإيطالية و”شيفرون” العالمية عن سعادتهم بتوقيع هذه الاتفاقيات، مؤكدين أن مصر أصبحت شريكًا موثوقًا في قطاع الطاقة، لما توفره من بيئة استثمارية مستقرة، وبنية تحتية متطورة، ودعم سياسي، وهو ما يشجع الشركات العالمية على ضخ مزيد من الاستثمارات في قطاع الغاز والبترول.
يشكل توقيع هذه الاتفاقيتين نقلة نوعية في التعاون المصري-القبرصي في مجال الغاز الطبيعي، ويؤكد النجاح الذي حققته مصر في ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للطاقة. كما يعكس ثقة الشركاء الدوليين في قدرة مصر على لعب دور محوري في تأمين إمدادات الغاز للأسواق العالمية، وهو ما يعزز مكانة البلاد على خارطة الطاقة الدولية، ويدعم خططها لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
كلمة المحرر
لا شك أن توقيع أول اتفاقيتين بين مصر وقبرص لتنمية الاكتشافات الغازية القبرصية، باستخدام البنية التحتية المصرية، يمثل محطة تاريخية في مسيرة التعاون الإقليمي في قطاع الطاقة، ويعزز من مكانة مصر كدولة محورية في خريطة الطاقة العالمية.
هذه الخطوة ليست مجرد اتفاقيات تجارية، بل تجسيد عملي لرؤية مصر الاستراتيجية في التحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز الطبيعي، وهو الهدف الذي عملت عليه القيادة السياسية خلال السنوات الماضية، من خلال تطوير البنية التحتية، وتأسيس شراكات قوية مع دول شرق المتوسط، وجذب كبريات شركات الطاقة العالمية.
الأهمية الحقيقية لهذه الاتفاقيات، تتجاوز تعظيم العائد الاقتصادي إلى تحقيق بعد استراتيجي، يتمثل في تعزيز التعاون الإقليمي، وضمان استقرار إمدادات الطاقة، وترسيخ مكانة مصر كلاعب أساسي في تأمين الغاز لأوروبا، في وقت تتغير فيه معادلات الطاقة عالميًا.
ويبقى الرهان على سرعة تنفيذ هذه الاتفاقيات، واستكمال مفاوضات جلب المزيد من الغاز القبرصي، بما يعزز دور مصر كمركز للطاقة، ويدعم الاقتصاد الوطني، ويوفر فرصًا استثمارية واعدة، تؤكد أن قطاع الطاقة المصري بات نموذجًا للشراكة الناجحة بين الدولة والقطاع الخاص، وشركات الطاقة العالمية.