خبير آثار يثمن مناقشة البرلمان البريطاني لعودة المومياوات لبلادها
خبير آثار يثمن مناقشة البرلمان البريطاني لعودة المومياوات لبلادها
كتبت: رباب حرش
ناقش البرلمان البريطاني أمس 13 مارس الجارى مطالب مجموعة من أعضائه بوقف عرض أي بقايا بشرية في متاحف المملكة المتحدة أو السماح ببيعها ومن بينها المومياوات المصرية المعروضة في المتحف البريطاني ووصف أعضاء البرلمان الاستمرار في عرضها بأنه «أمر مسئ ويجب إيقافه».
وأوضح الأعضاء أنه يجب إعادة الرفات التي جُلبت إلى بريطانيا كجزء من الاستعمار مثل المومياوات المصرية، وذكرت صحيفة “الجارديان” إن المومياوات المصرية تم التنقيب عنها ونقلها إلى بريطانيا من أجل أبحاث عنصرية زائفة.
وأفاد تقرير صادر عن المجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب من أجل التعويضات الأفريقية (APPG-AR) بأن بيع رفات الأجداد أو عرضها علنًا دون موافقة يجب أن يُجرّم.
ودعى التقرير إلى إعادة الرفات البشرية، بما في ذلك العظام والهياكل العظمية والجلد والشعر والأنسجة المُدمجة في القطع الأثرية الثقافية إلى بلدانها الأصلية كلما أمكن ذلك، وينبغي تعديل القانون للسماح للمتاحف الوطنية مثل متحف فيكتوريا وألبرت ومتحف العلوم ومتحف التاريخ الطبيعي بإزالة أو “إلغاء” الرفات من مجموعاتها الدائمة.
وقد ثمن خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة ، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية هذا البيان واضاف انه سبق و صدر بيان عن مجلس الآثاريين العرب برئاسة الدكتور محمد الكحلاوى نوفمبر الماضى بشأن احترام المومياوات وأخلاقيات دراستها بعد سلسلة من الانتهاكات للمومياوات المصرية في متاحف العالم
كما حذر البيان من محاولات الأجانب والمستشرقين إعادة إنتاج رُفات حديثة بشكل مستنسخ وتقديمها لنا باعتبارها الأصل باستخدام التكنولوجيا الحديثة وقد قام بالفعل متحف «الشرق الأدنى ومصر والبحر الأبيض المتوسط»، بجامعة سابينزا فى روما، باستنساخ مومياء رمسيس الثانى نسخة طبق الأصل مثالية من مومياء رمسيس الثاني بمواد عضوية ومستدامة والسماح بعرضها بدون واجهة عرض وحتى لمسها من قبل الزوار في المتحف دون مراعاة لحرمة الموتى مما يعد إهانة كبرى للحضارة المصرية في محاولات مستمرة حتى وقتنا لتقديم رؤيتهم الخاصة حول الحضارات القديمة باعتبارهم حراسًا للهوية والتراث الإنساني، فلا يجب النظر إلى المومياوات كونها قطعًا أثرية أو كونها أشياء تباع وتشترى إذ ينبغي الحفاظ على كرامة هؤلاء
وأوضح الدكتور ريحان بأن سرقات المقابر المصرية انتشرت في ظروف الاستعمار خلال القرنين الـ18 والـ19 حيث راجت تجارة بيع المومياوات القديمة خلال هذه الفترة وظهر اللصوص الأجانب من الدبلوماسيين وغيرهم من التجار كما تم تحويل الكثير من المومياوات إلى بودرة وطحنها واستخدامها كوقود للبواخر والسفن واستخدمت المومياوات في التلوين والرسم، وهذا حدث في القرن الـ20 إذ رسمت العديد من اللوحات باستخدام بودرة المومياوات المصرية بعد طحنها، وفي مدينة ليفربول الإنجليزية أرادوا بيع آلاف المومياوات لكن محاولتهم لم تنجح لذلك قاموا بجمع المومياوات وتحويلها إلى سماد للأراضي الزراعية
ونوه الدكتور ريحان إلى أن استخراج بقايا الحضارات القديمة لعدة قرون تم دون مراعاة حقوق الثقافات المحلية، فالمنقبون والدبلوماسيون مارسوا أدوارًا لسرقة الآثار القديمة دون أي موافقة من السكان المحليين والأحفاد مما يستوجب معها حقوق حضارة للأحفاد يجب استردادها
ورحب الدكتور ريحان بمطالب أعضاء البرلمان البريطاني والذى يعتبرها فرصة لوجود ميثاق يتضمن أخلاقيات التعامل مع المومياوات باعتبارها حق أصيل للأحفاد في الشعوب التي نهبت منها هذه المومياوات
ورصد نماذج من الانتهاكات السابقة للمومياوات المصرية بالمتاحف العالمية والتعامل معها باستخفاف لاستغلالها في دعاية سياحية دون مراعاة لحرمتها
ففى 24 يونيو 2013 إدعت إدارة متحف بمدينة مانشستر البريطانية أن كاميرات المراقبة أظهرت تحرك تمثال مصري قديم داخل فاترينة العرض بمقدار 180 درجة نتيجة لعنة الفراعنة، وفسّر البعض أنه لو صح الخبر فربما نتيجة احتكاك بين التمثال وزجاج الفاترينة أو ذبذبات حركة الزوار
وفى أكتوبر 2022 أثار المتحف الوطني بالعاصمة البولندية وارسو وجود مومياء حامل بالمتحف كنوع من الدعاية نقلًا عن علماء بولنديين نشروا بحثهم بمجلة العلوم الأثرية ونشرت بموقع «Ancient-Origins» بإجراء عمليات مسح بالأشعة السينية والمقطعية لجسد المومياء مما أسفر عن حدث فريد من نوعه وهو أن المومياء التى فارقت الحياة قبل ألفين عام لازال برحمها جنين بعمر يتراوح من 26 إلى 30 أسبوعًا، وتصدى لذلك العلماء المصريين وأكدت الدكتورة سحر سليم أن الحمل كاذب والبحث مجرد دعاية ودى حشوات اعتاد المحنطون المصريون وضعها داخل مومياوات كثيرة سبق فحصها لأسباب مرتبطة بعملية التحنيط ذاتها
وفى يونيو 2024 نشر متحف «الشرق الأدنى ومصر والبحر الأبيض المتوسط»، بجامعة سابينزا فى روما، مقالة علمية فى مجلة التراث الثقافي Journal of Cultural Heritage، المجلد 67 عدد مايو – يونيو 2024 تفاصيل استنساخ مومياء رمسيس الثانى بإنتاج نسخة طبق الأصل من مومياء رمسيس الثاني بمواد عضوية ومستدامة والسماح بعرضها بدون واجهة عرض وحتى لمسها من قبل الزوار في المتحف قمة الإهانة للحضارة المصرية
وتابع الدكتور ريحان بأنه فى يوليو 2024 إدّعى علماء آثار فى إنجلترا أنهم قاموا بإحياء صوت كاهن مصري يدعى نسيامون، وغنى مدائح العبادة في معبد الكرنك مرددا كلمات للآلهة المصرية مثل نوت إلهة السماء بفضل التقدم المذهل في تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد في دراسة نشرت علميًا في مجلة ساينتفيك ريبورتس، بقيام فريق من الباحثين في إنجلترا بإعادة بناء صوت نسيامون بعد ثلاثة آلاف عام اعتمادًا على جودة التحنيط بحفظ الجهاز الصوتى، وادّعى الفريق إنهم أنتجوا صورة ثلاثية الأبعاد للجزء الداخلي من حلق نسيامون تم دمجها مع الحنجرة الإلكترونية لإعادة بناء الصوت والمومياء نطقت ألفاظ مثل “أه وإيه” وأنه فى المستقبل من الممكن أن يتكلم كلمات واضحة
وأوضح الدكتور ريحان أن هذا الأمر لعبة دعاية تحت ستار علمى بدليل نشر الخبر مرتين بينهما 4 سنوات لنفس الفريق العلمى بجامعتى لندن ويورك ومتحف ليدز ببريطانيا واستغلوا عبارة مكتوبة على النعش “نسيامون صادق الصوت” وهى أمنية نسيامون في العالم الآخر فى إطار المعتقد المصرى وبدأوا اللعب على هذا الوتر لتحقيق أمنيته لإعطاء مصداقية لما قاموا به
ومن هذا المنطلق ترفض حملة الدفاع عن الحضارة المصرية برئاسة الدكتور عبد الرحيم ريحان العبث بالمومياوات المصرية بالمتاحف العالمية الذى يتنافى مع قواعد الأخلاق المعروفة كما يعد إهانة لكرامة الأجداد، وفى حالة أى دراسات علمية يجب أن تكون بمشاركة علماء مصريين لنضمن أمانة احترام هذه المومياوات فى التعامل معها ونتائج الدراسات وكيفية تصويرها دون اختراقها أو إتلافها
وتطالب حملة الدفاع عن الحضارة بمخاطبة الدولة لهذه المتاحف بعودة المومياوات المصرية إلى الأحفاد باعتبار أجدادهم يحلّون ضيوفًا فى متاحفهم، ولحين عودتها الأمر يتطلب أمانة تعامل هذه المتاحف مع رفات الأجداد، وفى حالة الدراسات العلمية يجب أن تكون فى وجود وبمشاركة علماء مصريين لضمان حرمة التعامل وعدم اختراق المومياوات أو إتلافها، لأهمية هذه الدراسات فى إلقاء المزيد من الضوء على معالم الحضارة المصرية والعلاقة بين الإنسان والبيئة والأمراض المنتشرة والمتوطنة والفيروسية وكيفية مقاومتها وسبل العلاج المختلفة، وفى حالة مخالفة هذه المتاحف للضوابط يتم قطع التعاون الثقافى معها المتمثل فى بعثات الحفائر والترميم والمعارض الخارجية وغيرها