تكنولوجيا

Deepseek: الابتكار التقني أم تهديد للخصوصية؟

DeepSeek: الابتكار التقني أم تهديد للخصوصية؟

مقدمة

أثار تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني DeepSeek جدلًا واسعًا في الأسواق العالمية وبين الحكومات الغربية، حيث أصبح واحدًا من أكثر التطبيقات تحميلًا، بينما تتزايد المخاوف حول الخصوصية والأمان الرقمي. وفي خطوة غير مسبوقة، حذر وزير العلوم الأسترالي إد هيوسيك من المخاطر المحتملة لهذا التطبيق، ليصبح بذلك أول مسؤول حكومي غربي يثير علنًا مخاوف بشأن الخصوصية وإدارة البيانات في DeepSeek.

فما حقيقة هذه المخاوف؟ وهل يشكل DeepSeek تهديدًا حقيقيًا، أم أن هذه الضجة مبالغ فيها؟

لماذا يثير DeepSeek القلق؟

لطالما كانت التقنيات الصينية محور جدل عالمي، حيث تواجه شركات مثل هواوي و تيك توك اتهامات بصلاتها الوثيقة بالحكومة الصينية، ما يثير مخاوف بشأن إمكانية استخدام بيانات المستخدمين لأغراض استخباراتية. والآن، يتصدر DeepSeek المشهد وسط مخاوف مماثلة حول كيفية تعامل التطبيق مع بيانات المستخدمين.

في الولايات المتحدة، وصف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التطبيق بأنه “جرس إنذار”، لكنه لم يعتبره تهديدًا للأمن القومي، بل رأى أنه قد يكون مفيدًا إذا ساهم في تقليل تكاليف الذكاء الاصطناعي.

أما في أستراليا، فقد أعرب وزير العلوم إد هيوسيك عن قلقه، قائلًا:

“هناك العديد من الأسئلة التي لم يتم الإجابة عنها بعد، خاصة فيما يتعلق بإدارة البيانات والخصوصية، ويجب علينا التعامل مع هذا الأمر بحذر شديد.”

ما حجم شعبية DeepSeek؟

رغم المخاوف الأمنية، فإن التطبيق يشهد إقبالًا هائلًا، حيث تجاوز 3 ملايين عملية تحميل منذ إطلاقه، وفقًا لتقديرات شركة Sensor Tower. والأكثر إثارة هو أن 80% من عمليات التنزيل حدثت خلال الأسبوع الماضي فقط، ما جعله يتفوق على تطبيقات منافسة مثل Perplexity بثلاثة أضعاف.

ومع ذلك، فإن القبول الشعبي للتطبيق في دول مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة لا يعكس بالضرورة وعيًا كافيًا بمخاطر الخصوصية المحتملة، وهو ما دفع بعض الجهات الأمنية إلى التحقيق في تداعياته الأمنية.

إجراءات أمنية ضد التطبيق

مع تزايد الجدل حول DeepSeek، بدأت الحكومات باتخاذ إجراءات حاسمة:

🔹 البيت الأبيض يحقق في المخاطر الأمنية

أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أن مجلس الأمن القومي الأمريكي يجري تحقيقات حول ما إذا كان هناك تهديدات أمنية محتملة مرتبطة بالتطبيق.

🔹 البحرية الأمريكية تحظر التطبيق

ذكرت قناة CNBC أن البحرية الأمريكية حظرت استخدام تطبيقات DeepSeek على أجهزتها الرسمية، مشيرة إلى “مخاوف أمنية وأخلاقية”.

🔹 لجنة حماية البيانات في المملكة المتحدة تدعو للشفافية

أصدر مكتب مفوض المعلومات البريطاني بيانًا يحث مطوري تطبيقات الذكاء الاصطناعي على:

✔️ توفير معلومات واضحة حول كيفية استخدام بيانات المستخدمين.

✔️ إنشاء آليات فعالة لحماية خصوصية الأفراد.

✔️ الالتزام بالقوانين واللوائح التنظيمية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.

ما البيانات التي يجمعها DeepSeek؟

توضح سياسة الخصوصية الرسمية لـ DeepSeek أن التطبيق يقوم بجمع كميات هائلة من البيانات الشخصية، والتي يتم تخزينها في خوادم آمنة داخل الصين. تشمل هذه البيانات:

📌 المعلومات الأساسية: البريد الإلكتروني، رقم الهاتف، وتاريخ الميلاد عند إنشاء الحساب.

📌 إدخالات المستخدم: أي نصوص أو صوتيات يتم إدخالها أثناء استخدام التطبيق، بما في ذلك سجلات المحادثات.

📌 المعلومات التقنية: بيانات الجهاز، نظام التشغيل، عنوان IP، وأنماط ضغطات المفاتيح (Keystroke Patterns).

🔍 وفقًا لـ DeepSeek، يتم استخدام هذه البيانات من أجل تحسين أمان واستقرار التطبيق، كما يتم مشاركتها مع:

✔️ مقدمي الخدمات الخارجيين.

✔️ شركاء الإعلانات.

✔️ الشركات التابعة لـ DeepSeek.

لكن أكثر ما يثير الجدل هو البند الذي يسمح باستخدام البيانات لمطابقة المستخدم مع أنشطته خارج التطبيق، وهو ما دفع خبراء الأمن السيبراني إلى دق ناقوس الخطر بشأن إمكانية مراقبة المستخدمين وتتبعهم رقميًا.

هل DeepSeek أكثر خطورة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي الأخرى؟

يشير بعض الخبراء إلى أن سياسات الخصوصية في DeepSeek ليست فريدة من نوعها، بل تتشابه مع ما تعتمده تطبيقات ذكاء اصطناعي أخرى مثل ChatGPT و Gemini وحتى منصات التواصل الاجتماعي.

⚠️ لكن الاختلاف الرئيسي هو أن DeepSeek يخزن بياناته في الصين، مما يزيد المخاوف من احتمالية الوصول الحكومي إليها بموجب القوانين الصينية المتعلقة بأمن البيانات.

يقول الدكتور ريتشارد ويتل من جامعة سالفورد:

“لدي مخاوف بشأن الخصوصية في هذا التطبيق، لكن يجب أن نتذكر أن هناك أيضًا مشكلات مشابهة في النماذج التي تطورها الشركات الأمريكية.”

من جهتها، حذرت الباحثة إيميلي تايلور، الرئيسة التنفيذية لمختبرات أكسفورد للمعلومات، قائلة:

“أي نموذج ذكاء اصطناعي متاح للعامة يمكنه الاحتفاظ بكل الاستفسارات التي يُدخلها المستخدم، لذا يجب أن يكون الأشخاص الذين يعملون في مجالات حساسة أو سرية على دراية بهذه المخاطر.”

هل يجب أن نقلق؟ وهل التطبيق آمن؟

🔹 إذا كنت شخصًا عاديًا يستخدم التطبيق لأغراض بحثية أو تعليمية بسيطة، فإن المخاطر المحتملة قد لا تكون مقلقة بشكل كبير.

🔹 لكن إذا كنت تعمل في مجالات حساسة مثل الأمن القومي، أو لديك بيانات مهمة وسرية، فمن الأفضل توخي الحذر وعدم إدخال معلومات حساسة في التطبيق.

🔹 يجب على المستخدمين أن يكونوا أكثر وعيًا بحقوقهم في مجال الخصوصية، وقراءة سياسات البيانات قبل الموافقة عليها.

الخاتمة: بين الابتكار والمخاطر

بينما يواصل DeepSeek ثورة الذكاء الاصطناعي، فإن الأسئلة حول الأمان الرقمي والخصوصية لا تزال قائمة. هل سنشهد قيودًا تنظيمية جديدة على التطبيقات الصينية، كما حدث مع TikTok؟ أم أن الذكاء الاصطناعي سيجبر العالم على إعادة النظر في مفهوم الخصوصية الرقمية؟

سواء كنت من المؤيدين أو المتخوفين، يبقى السؤال الأهم:

هل أنت مستعد لاستخدام DeepSeek وأنت تعلم أن بياناتك قد تكون تحت المراقبة؟ 🤔

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى